تحيتي إليك وإلى السامرين في نادي الرسالة من كرام الأصدقاء. وتحيتي إلى القاهرة التي لا تقع فيها العين إلا على نجم أزهر أو كوكب لماح. وسلامي على مصر الجديدة وعلى سنتريس. ولو شئت لسلمت على مكتب تفتيش اللغة العربية بوزارة المعارف حيث يحلو الجدل ويطيب الضجيج!
وبعد فإنك تعرف كيف رحلت إلى بغداد. أنت تذكر ولا ريب أن حكومة العراق طلبت أستاذا للأدب العربي بدرجة دكتور؛ وتذكر أن وزارة المعارف المصرية فهمت أن الغرض من ذلك مداواة ليلى المريضة بالعراق. وقد صرح بهذا حضرة صاحب العزة الأستاذ عوض إبراهيم بك؛ وكان من المفهوم أنه لا يصلح لهذه المهمة غير مؤلف مدامع العشاق!
تلك هي الأسباب التي قضت برحيلي إلى العراق، ولولا ذلك لبقيت في القاهرة أحارب من أحارب وأسالم من أسالم، وفقاً للنزق والطيش، وطاعة لصديقنا الشيطان!
ولا أستطيع أن أصف كيف كانت الأيام التي سبقت رحيلي إلى العراق. فقد قضيتها في درس الطب النفساني والروحاني، وزودت عقلي بأهم ما يعرف أقطاب العلم الحديث، من أمثال الدكتور محجوب ثابت، والدكتور محمد عبد الحي، والدكتور منصور فهمي، والدكتور طه حسين
ولم يفتني أن أستفتي بعض المولعين بدرس المشكلات الغرامية كالأستاذ محمد الهراوي، والأستاذ محمد مسعود، والموسيقار محمد عبد الوهاب
وكان في النية أن أستفتي بعض الأقطاب من علماء الأزهر الشريف، ولكن ضاق الوقت عن ذلك
وجاء يوم الرحيل، والتفت فإذا محطة القاهرة تموج بعدد كبير من كرام الأصدقاء، وكنت أظنهم جاءوا مودعين، ثم دهشت حين رأيتهم لم يجيئوا إلا ليحمّلوني التحية إلى ليلى المريضة بالعراق!