من المحقق أنني تبيَّت ميولي الأدبية وأنا لا أزال في دراستي الجامعية، إذ كنت أصدر مجلة خاصة في أكسفورد كانت تظهر لي فيها بعض الأشعار، كما أنني كتبت في عام ١٩٠٠ أقصوصة صغيرة تافهة، ثم أتبعتها بأخرى بعد عامين. وكان أهلي على قلة تفاؤلهم يتوقعون لي شيئا من الحظ في احتراف الأدب، وتجلى ذلك في أن أبي قد اتفق معي على أن يظل خمسة أعوام يوظف لي مائة وخمسين جنيهاً في السنة. غير أن الاتفاق أوشك أن ينقض حين أقدمت على الزواج؛ فرأى أبي أن هذا الزواج أمر خارج على حدود الاتفاق. ولكنني عالجت الموضوع من ناحية أخرى، إذ جهدت غاية الجهد حتى كتبت مسرحية كاملة في أسبوعين فقط سميتها (ذو الرداء الداكن) وقدمتها إلى أبي وقام بإخراجها على المسرح الملكي في (إدنبره) في فبراير ١٩٠٧ واحتجزها مدى خمسة أعوام أكبر الظن أنها مثلت خلالها مرات ومرات. وبعد ذلك انصرفت إلى الريف حيث دفعت إلى المطبعة بمجموعة من شعري قام بنشرها (بلاكويل). وفي خريف ذلك العام مضيت إلى حيث لأقضي الشتاء عند صديق قديم كان حينذاك قَسَّا في (كورنوول)، آملاً أن أوفق في وضع مسرحيات جديدة. . .
ولعل سروري بظهور هذه المجموعة الشعرية قد ترك أثره في نفسي، إذ فضلت الاشتغال بوضع الكتب على كتابة القصص للمسرح. ويخيل إلي أن الكتاب المبتدئين يؤثرون مشاهدة قصصهم تمثل وراء ستار المسرح على أن يظلوا يقلبون صفحات كتبهم بعد طبعها؛ بيد أني آثرت تأليف الكتب على أي حال. ولعل مبعث ذلك إنما هو عدم رضاي عن قيام الممثلين بأدوارهم، إذ كنت شديد الثقة بأنني أستطيع أن أقوم بتمثيل الأدوار خيراً مما يصنعون جميعاً! والعجيب أن هذا الاعتقاد نفسه قد عزف بي عن احتراف التمثيل! والحق أنني كنت أضيق بطريقة أداء الممثلين لأدوارهم، فقد كنت أتبين أن الشخصيات