للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[انحني]

للشاعرة أيلا هويلر ولككس

بقلم الآنسة الفاضلة (الزهرة)

انحني وتسامي بي عن هذا المربأ يا جوزفين

انحني وأشرفي من المرتفعات الدهرية، والهضاب السرمدية. أو لست ترين كيف أجاهد لأدراك القمم السنية، ولكن لافتقاري إلى الأجنحة أراني عاجزاً عن بلوغ تلك الانجد التي أتوق إلى الجري في غلاء أمجادها بكل قوى نفسي

إني ألتمس طريقي، دون أن استشعر الحزن والوحشة. لأن عوامل الشباب والأمل والصحة تجعلني أظل سعيداً. ولكن وهج الأشعة الساطعة كثيراً ما يبتلى أعيننا بالجهَر والبهَر فلا ننظر، وإذا نظرنا كنا عميان لا نبصر. وأنا أتعسعس التلاع والروابي، محاولاً تصور يفاع رفيعة، لا أستطيع الاهتداء إليها، ولذا أود أن تعلمي أن حاجتي القصوى تهيب بك أن. . . تنحني وتتسامي بي عن هذا المربأ

لم يمض وقت بعيد مذ كنا نطأ معاً يفاع هذه الطريق عينها. وأنت تعلمين كيف كانت تلك الصغائر المغوية تنفه نفسينا بل كيف كانت تلك المنحدرات التي حسبناها سهلة قريبة تعقل أقدامنا بالتعب المعيي والمزاولة المؤجلة، وتصدف بنا عن الجادة. فأنحني وتسامي بي عن هذا المربأ.

أما أنت فلم يعوقك احتفال تشمير، ولم يلبثك تأهب معاد، بل واصلت سيرك إلى الأمام في رصانة، وصعدت إلى فروع العلى في هدوء وأمن، وتركتني هنا - غير مختارة - يا حبيبتي جوزفين وسأقنع إلى النهاية باللبث في هذا المكان لأن الحياة تفيض بالوعود. . ولكن يا صديقتي، ألا تحققين غايتي القصوى فتنحني وتتسامى بي عن هذا المربأ؟ لقد غدوت قوية حكيمة مع أنك كنت ضعيفة ساذجة وقد أوتيت دقة في الحس، وصرت تدركين كل مطالب النفس، وتشعرين بأدق خوالجها وحاجاتها.

وأعرف أن العام الذي قضيته في جوار خالقك، قد جعلك خطيرة النفس، رفيعة الأهواء، مبرورة المقاصد، شريفة المساعي؛ وأوقن أنك تشهدين كفاحي، وتبصرين ما يصهر نفسي من حنين وتوق إلى تفرع ذرى المعالي وتوقل معارج المكارم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>