[همس الساعة]
للدكتور عزيز فهمي
تَعُدُّ الثوانيَ همساً ونفضا ... وتزْحَفُ زحفاً وتنبض نبضاً
وتداني البعيدَ وتُقْصى القريبَ ... وتجْمَعُ شمْلا وتُبْعِد أرضا
تَواَرثها الناسُ جيلاً فجيلاً ... وشكَّلَها من تَوالي وقضَّا
تصوَّرَها البعضُ في عين هِرٍ ... إذا الهِرُّ تَثبَّت جفنا وغّضَّا
ولَوْلا الأهِلّةُ لمْ تَعْدُ عَنها ... مواقيتُ للناسِ والحجَّ تُقضَى
إذا الشَّمسُ خَلْفَ الغُيومِ تَوارَتْ ... هَداكَ سَناها وَلمْ تَألُ حَضَّا
تُوَحَّد بين اللغات وتُقْضِي ... إلى اَهْلِهنَّ بما هُوَ أفْضىَ
تُبَشَّر صَبَّا بِوَصْل الحَبيب ... فَتُحْي الشَّبَابَ الذي كانَ غَضّا
وَمِنْ عَجَبٍ أَنْ يُبينَ الجَمادُ ... وينطق جَهراً ويُمعن خَفْضا
تُبين وتُفْصِحُ في صَمْتها ... فَتُوجِبُ فَرْضاً وتُسِقطُ فَرْضا
وَتهْمِسُ: ما فاتَ ودَّعْتَه ... فَشيّعْتَ حيناً وَفارَقْتَ بَعْضا!
وهَيَهْاتَ يَرْجِعُ ما قد مضى ... وَهيهاتَ يَقْبَلُ حُكمِي نَقْضا
أُتْعرِضُ عني لِتَسْمَعَ لَغْواً ... وتَلَقي منَ اَلناسِ نَوكَي ومَرْضَي؟
ومعظمهم لو علمت دَعِيٌّ ... يُريكَ الودادَ وَيُضْمِرُ بُغْضَا
سِواَيَ يُرائيكَ في مَحْضَرٍ ... ويفْربكَ - إِنْ غِبْتَ - غمْزاً وَعَضاَّ
وغيري يبُثُّكَ ما تَشْتَهي ... وَيَهْزأُ مِنْكَ إذا هُوَ أَغْضىَ
أنا الوَقْتُ أُمْلي علي عاداتي ... وَفَتْكَيِ مِنْ فَتكَةِ السَّيْفِ أَمضَى
فإنْ شِئْتَ بادِرْ إلى عَزْمَةٍ ... فَعَزمْي يَكادُ يُسَلُّ وَيُنْضَى
وَخَلَّ المقاديرَ تجْري المَدى ... وَدَعْ ما يريبك ما دَامَ غَمْضَا
تَنَبَّه! تنبه. . . ولا تُرْجِئنَّ ... إلى الغَدِ وأنْهَضْ لأَمْرِكَ نَهْضَا
غَدٌ مَوْعِدٌ العاجزينَ وَوَهْمٌ ... تمنَّيكَ إِنْ رُمْتَ للريَّح قَبْضَا
غَدٌ - لوْ عَلِمْتَ - غُيوبٌ فَعَجّلْ ... وَبادرْ لَعَلَّك في الغَدِ ترْضَى
سَتَنْدَمُ بَعدَ فَوات الأوانِ ... وتَجُني الأمانِيَ صاباً وغَضَّا