للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[جامع وجامعة. . .]

الأستاذ عباس محمود العقاد

أوشك الترام أن يفوته، ولكنه أدركه بعد جهد ومخاطرة، فاستقر في مكانه وهو يلهث ويرسل اللعنات على الترام:

- يقطعه ويقطع أيامه!

قال صاحبه وهو أصغر منه: ولم؟ أنه قرب البعيد ويسر الأمور. . . . لقد كان الانتقال من إمبابة سفرة في الأرض مهجورة، فأصبحنا نأتي منها ونعود إليها في ساعة أو أقل من الساعة!

قال الشيخ: ولهذا (عفرت) الدنيا. ركبها عفاريت، وقل خيرها. وقد كنا قبل أيامه نشتري رطل اللحم بقرش وربطة الملوخية الكبيرة بمليم. فجاء هذا الزمن (المعفرت) الذي لم يدع للفلوس بركة ولا في شيء من الأشياء خيراً يرتجى. . . ووافرحتاه بعد ذلك بهذه المراحل التي تنطوي في غمضة عين!

مثل هذا الحديث قد سمع في القاهرة مرات، ومثل هذا القياس يجري في النظر إلى كثير من الأمور، وهو من الأحكام التي تستند إلى مقارنات شعورية ولا تستند إلى مقارنات منطقية، لأنها ترضى الشعور لأول وهلة ولا ترضى العقل بعد النظرة الأولى.

ومن قبيل هذه الأحكام الشعورية مقارنات بين ماضي الجامع الأزهر وحاضره، قرأتها لفاضل من كتاب الرسالة في عددها الماضي وفيها يقول كاتبها - الأستاذ على الطنطاوي - بمناسبة حادث الشيخ أبي العيون: (. . ما عرفنا علماء الأزهر إلا ملوكا، لا أمر فوق أمرهم، ولا كلمة بعد كلمتهم، إذا قال واحدهم لبت الأمة، وإذا دعا هب الشعب، وإذا أنكر على الحكومة منكراً أزالت الحكومة المنكر، وإذا أمرها بمعروف أطاعت بالمعروف، فكانوا هم السادة وهم القادة، وهم أولو الأمر: هذي حكومة مصطفى فهمي باشا تستجيب سنة ١٨٩٩ لرغبة الإنكليز في إضعاف القضاء الشرعي فتضع مشروعها المشهور لتعديل اللائحة الشرعية وضم اثنين من أعضاء الاستئناف الأهلي إلى المحكمة الشرعية العليا ويبلغ من ثقتها بقوتها وتأييد مجلس الشورى لها ألا تبالي باحتجاج الحكومة العثمانية على المشروع وتعرضه على المجلس - وكان من أعضائه الشيخ حسونة النواوي الذي جمعت

<<  <  ج:
ص:  >  >>