للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

بين نيتشه وفاجنر أو بين الخيال والواقع:

تطوع الأستاذ الشاعر محمد فهمي لينتصف لصديقه الأستاذ عبد الرحمن الخميسي، وخيل إليه - وما أخصب خيال الشعراء - أنه قد انتصف له!

أول شيء أسجله للأستاذ محمد فهمي أنه رجل طيب، والدليل على أنه رجل طيب هو أن كل دليل استند إليه لا يغير شيئاً من جوهر الحقيقة التي يقررها ميزان النقد؛ النقد الذي يقف من النصوص موقف التأمل والمناقشة، ويقف من التاريخ موقف التمحيص والمراجعة.

لقد قلت إن موسيقى فاجنر قد لقيت من قلم نيتشه أعنف وأبشع ما لقيته موسيقى فنان من قلم فيلسوف، وأوردت مما قاله الفيلسوف في الفنان قليلا من كثير، ووافقني الأستاذ فهمي علي ما قلت، ولكنه عاد ليذكرني بأن هذه الموسيقى قد لقيت أيضاً من قلم نيتشه أسمى آيات المديح. . . أنا والله أعلم هذا يا أستاذ ولكن علمي يختلف عن علمك؛ يختلف عنه بقدر ما تختلف عقلية ناقد عن عقلية شاعر!

يا قراء (الرسالة) تعالوا نسلط الضوء على الدليل الفذ الذي أورده الأستاذ فهمي في مجال الانتصاف لصديقه، إنه رسالة. . . من نيتشه إلى فاجنر بمناسبة أول كتاب أخرجه وإهداء إليه، تلك التي يقول له فيها: (لعل هذا العمل (يقصد كتابه الجديد) يكون ولو إلى حد ضئيل، رداً لجميل عنايتك الفائقة التي أوليتنيها في خلقه) إلى هنا ونقف قليلاً لنهم الأستاذ فهمي بتشويه الترجمة في سبيل تأييد رأيه! إن الكلمات المقابلة لهذه الترجمة العربية المشوهة هي:

إن التشويه هنا متركز في عبارة: (رداً لجميل عنايتك الفائقة التي أوليتنيها في خلقه) لقد ترجم الأستاذ بكلمة (أوليتنيها) تكلموا يا من تعرفون الإنجليزية. يا من تعرفون فن الترجمة! تكلموا لتقولوا إن المقابلة الصادقة لكلمات نيتشه تتمثل في هذه الترجمة: (لعل هذا العمل (يقصد كتابه الجديد) يكون ولو إلى حد ضئيل، جزاء لما أبديت من اهتمام بالغ

<<  <  ج:
ص:  >  >>