(أقيمت في كلية الآداب مناظرة بين الدكتور زكي مبارك
والأستاذ لطفي جمعة برياسة الدكتور إبراهيم مدكور، واشترك
فيها فريق من طلبة الكلية، وانتصر الحاضرون للرأي الذي
دافع عنه الدكتور مبارك بهذه الخطبة الصريحة، الخالصة من
شوائب التودد للجمهور).
تعلمون أن أمثال هذه المناظرات لا يراد بها غير إيقاظ العقول بفرض طوائف من المذاهب والآراء، فالمناظر لا يؤاخذ بالرأي الذي ينحاز إليه، ولا يطالب بالوقوف عندما يؤمن بصحته من الأدلة والبراهين
ليست هذه المناظرات إلا حركة عقلية يراد بها عرض صور مختلفة للوجه الواحد من وجوه الفكر والرأي، فليس من حق أحد أن يقول: إني أدعو إلى الفوضى حين أقرر أنها من الفرص السوانح لازدهار الآداب والفنون
وبعد تسجيل هذا التحفظ أقول: إني مؤمن بالرأي الذي أعرضه اليوم من فوق منبر كلية الآداب، فلا يضيرني أن أتهم بحمد الظروف التي تشيع الفوضى في المجتمع، ولا يؤذيني أن تكون أصواتكم في صف خصمي، وهو صديق أعاديه في هذه الساعة عداوة مؤقتة
وأسارع فأعترف بأني أخاف أن تكون الهزيمة من نصيبي، لأني اخترت الجانب الشائك من مناظرة اليوم، ولأني أخشى أن يميل السامعون إلى إيثار السلامة، فيعلنوا تأييدهم لرأي الخصم المحترم، حتى لا يقال: إن كلية الآداب تشجع من يرى أن (الفوضى الاجتماعية) قد تعود بالنفع على الآداب والفنون، وهي معهد يثور حوله الغبار من حين إلى حين
وأنا أفترض سلفاً أن الهزيمة ستكون من نصيبي لأواجه المناظرة بعزيمة المستقتل المستميت، ولأجد ما أعزي به نفسي حين ترونني أبليت في الدفاع عن رأيي أحسن البلاء