للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المشكلات]

٣ - اللغة العربية

للأستاذ محمد عرفة

لماذا أخفقنا في تعليمها؟ - كيف نعلمها؟

يتوقع القراء أنني سآتيهم في مشكلة اللغة العربية بحلول مطولة وآراء معقدة، تثقل على العامة ولا يستسيغها إلا الخاصة

وإنني سآتيهم بالجديد الذي لم يقرع أسماعهم، ولم يخطر لهم ببال

وأني أقول للقراء أن ما سأعرضه عليهم قسمان، الأول نقد الطريقة التي تسلكها المدارس في تعليم اللغة، والثاني نقد علوم اللغة من نحو وصرف وبلاغة، وإبطال الباطل من قواعدها، وإحلال الحق محله

فأما نقد أسلوب تعليم اللغة فإني أحب أن أطمئن القراء من جهته، فإن الحلول التي جئت بها سهلة لا غموض فيها، بسيطة لا تركيب فيها؛ وهكذا شأن الحقيقة تمتاز بالسهولة والبساطة، وقد أخذتها من العامة وأشباه العامة، أخذتها من الحائك إذ يعلم الحياكة، والحداد إذ يعلم الحدادة، والنجار إذ يعلم النجارة

وليس فيما جئت به في هذا الموضوع جدة، وإنما هو قول معاد مكرور، قاله علماء الشرق قديماً وعلماء الغرب حديثاً، حتى أنني ترددت في عرضة على الناس، ولكن يشفع لي في عرضة أن قومي لم يعلموا به كأنهم لا يعرفونه، فقلت لعلهم يحتاجون إلى الإقناع به، وإقامة الدليل عليه، وإدارة الكلام على البرهان والإقناع، ليوافق طبقات الناس، وكذلك فعلت

وأما نقد القواعد وبيان الباطل منها، وإحلال خير منها محلها. فهي مسائل فنية يصعب فهمها إلا على الدارسين، وهي جديدة قد نشأت عن الدرس الطويل، والتأمل والتنقيب في هذه العلوم، وفيها لذة ومتعة، فسيرى فيها القراء مصاولة العقول ومقارعة الآراء، وسيرون علوما كانت تحاط بهالة من التقديس تنهار وتهدم، وعلوما أخرى حلت محلها وأخذت مكانها، فبدت أعلى منها وأسمق، وما نهدم ما نهدم إلا عن بينة وحجة، وما نبني ما نبني إلا عن بينة وحجة. فما عدله الدليل فهو العدل الثقة، وما جرحه الدليل فهو المجرح

<<  <  ج:
ص:  >  >>