للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العلوم]

البحوث الروحية

للأستاذ عبد المغني علي حسين

خريج جامعت برمنجهام

سبقت لنا كلمة بهذا العنوان في الرسالة. وفيها أشرنا إلى أن أفراداً من أساطين رجال العلم الحديث جمعوا من اختباراتهم وتجاربهم باستخدام الوسطاء أدلة جديرة في اعتبارهم باسم العلم تبرر القول بأن العالم الروحي جزء من النظام الكوني، وأن الاتصال به في حيز الممكنات.

ونود بعد ذلك أن نورد طرفا من تلك الاختبارات والتجارب، ونزنهابالميزان العلمي، لنرى مبلغ صلاحيتها كدعامة لهذا الزعم الخطير، الذي إذا صح فأن كل كشف علمي سابق يعتبر بجانبه من محافر الأمور. لما لا، والعلم لم يمهد لنا إلى اليوم غير سبيل المادة، والمادة لا نمكث في محيطها إلا قليلا، ونرتحل عنها وشيكا. أما عن الخلود بعد الممات فلم نسمع أن العلم الحديث كلمة، الهم إلا كلمة إنكار من بعض الذين ينتسبون إليه.

نعم، نسمع إنكاراً صريحا من بعض رجال العلم، وافتراض وجود الأرواح غير المنظورة أبغض شئ إلى رجل العلم الحديث وليس هذا بغريب، فالبرق الذي أعتبره الأقدمون لمع سيوف الآلهة في السماء قد ثبت اليوم أنه شرر كهربائي. والرعد الذي حسبوه زمجرة غضب الآلة ليس سوى فرقعة ذلك الشرر. وقوس قزح الذي ظنوه سلما تمده الآلة ليهبط على درجه رسولهم ليس سوى طيف ضوئي ناتج من تحلل أشعة الشمس بانعكاسها وانكسارها في قطرات ماء المطر. والمرض الذي توهموه فعل أرواح شريرة وطاردوها عبثا بالتمائم والتعاويذ ليس سوى فعل ذر دقيق يرى بالمجهر ويعالج علاجا صحيحاً بالمحقن. لا حد لما كان ينسبه الأقدمون إلى الأرواح. ولا شك أن تاريخ العلم الحديث يكاد يكون سلسلة حرب مع الارواح، فهو يجليها كل يوم عن مركز في العالم المادي، ويقيم على أعقابها نظما وقوانين يتسع بعضها بعضا ولا أثر فيها لروح ما.

لا بدع إذن أن نرى رجل العلم يرفض الاستماع لكل زعم بوجود أرواح للموتى مهما كان مصدره. ويعتبر ذلك رجوع القهقري، وعوداً إلى عهد الخرافات البغيض، واستسلاماً لحب

<<  <  ج:
ص:  >  >>