من الآثار الأدبية التي تركها المؤيد في الدين (داعي الدعاة) رسائله إلى أبي العلاء المعري. وهي الرسائل التي نبهت الجيل الحديث للبحث عن هذا الداعية، بعد أن ظل مجهولاً زهاء عشرة قرون، ويرجع الفضل في نشر هذه الرسائل إلى المرحوم الأستاذ مارجوليوث المستشرق الإنجليزي، الذي نقل هذه الرسائل عن كتاب (معجم الأدباء) لياقوت الحموي، ونشرها لأول مرة بمجلة الجمعية الأسيوية الملكية سنة ١٨٩٦، ثم أعاد نشرها مرة أخرى بمجلة الجمعية الأسيوية سنة ١٩٠٢، وقدم لها بمقدمة صغيرة ادعى فيها أن هذه المناظرة كانت سنة ٤٣٨ هـ ولكني أخالفه في تحديد هذه السنة، وأذهب إلى أن هذه المناظرة إنما كانت سنة ٤٤٩ هـ، وعندي ما يؤيد ما ذهبت إليه، فقد نقل ياقوت الحموي أنه (لما كانت المناظرة بين أبي العلاء، وبين داعي الدعاة، في ذبح الحيوان، أمر داعي الدعاة بأن يؤتى بأبي العلاء إلى حلب). وفي الرسالة الثالثة والأخيرة من رسائل داعي الدعاة، تصريح بأنه كان في الشام أثناء هذه المناظرة. وهناك نص آخر ورد في (المجالس المؤيدية) على لسان الخليفة المستنصر الفاطمي (حتى توجه من وجهناه من داعينا للقاء التركمانية فأنعقد بينه (أي بين الداعي) وبينه (أي بين المعري) من المناظرة مكاتبة لا مشافهة. فهذه النصوص تثبت أن هذه المناظرة جرت أثناء خروج المؤيد في الدين لحرب طغرلبك، وأن المؤيد كان بالشام وفي حلب، وقد ذكرت في مقالاتي السابقة أن المؤيد في الدين خرج من مصر للقاء التركمانية سنة ٤٤٨هـ وكان بحلب سنة ٤٤٩هـ، وتكاد تجمع المصادر على أن رسالة داعي الدعاة الأخيرة وصلت معرة النعمان بعد وفاة أبي العلاء بأيام قليلة، ونحن نعلم أن المعري توفي سنة ٤٤٩هـ وهناك بعض نصوص أخرى تؤيدان هذه المناظرة التي كانت بين الأدبيين العالمين. حدثت سنة ٤٤٩هـ. وسبب هذه المناظرة كما حدثنا المؤيد في مجالسه أنه جرى ذكر أبي العلاء المعري في مجلس