جسم نحيل معروق، ونظرات لامعة أخاذة، وصوت مبحوح لاهث من حنجرة صلبتها الأعوام الثمانون وقد ناهزها، وهو بالرغم منها على أحسن ما يكون اتقاد الذهن، ومضاء العزيمة، وخصب الإنتاج.
يمتاز مطران بالخلق الكريم، والحديث العذب، والسعي في الخير، ثم بشاعرية فريدة في نوعها.
يعود خلقه الكريم إلى أرومته الكريمة وتربيته الأرستقراطية المترفعة وإلى نحيزة هادئة ترى المداورة والصبر والاتئاد في التصعيد لبلوغ القمة خيراً من الانقضاض عليها كالنسور الجبارة.
وهو محدث بارع ينضح من ينابيع غزيرة وإطلاع ثقافي عام من أدب العرب والإفرنج قديمه وحديثه، لا يتفلسف مع الفلاسفة، ولا يتعالم مع العلماء، ولا يشعل مصباحه للعميان، يعطي من أدبه بقدر حاجة الطالب، ويهبط أو يرتفع وفق فهم السامع وإدراكه، وهو عف اللسان نصير الغائب، قليل الغضب، كثير التسامح.
من سجاياه سعيه للخير، وهو يتراخى وقد يتكاسل في السعي لخيره الخاص، ولكنه لا يتوانى ولا يتقاعس في السعي لفك ضيق، أو حل مشكلة، أو دفع نازلة، أو إزالة خصومة، أو تزويج فتاة من أية طائفة أو ملة كانت.
يعطي المعوز ما يستدره من مال الغني، وينتزع الدراهم من الشحيح البخيل ويأخذ الدينار من السخي الكريم يقيل بهما عثرات العاثرين.
ما قامت جمعية للبر، أو مؤسسة للخير، أو دار للشفاء، أو تألفت جماعة لعمل من الأعمال إلا وكان مطران من أوائل القائمين بها، وما نشأت بين السوريين واللبنانيين منشأة إلا وكان مطران من الساعين إلى إنشائها، وما شجر بين الطامعين أو بين محبي الظهور شجار على رئاسة أو عضوية في مجلس إلا وكان مطران أول المتنازلين عن الرئاسة أو العضوية حباً بإحلال الوئام محل الخصام. . .
هو ذا مطران الإنسان وقد حدد أمنيته في الحياة بقوله: (أمنيتي أن أجتاز طريقي دون أن