للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

إبليس يعشق

للأديب حسين شوقي

كان إبليس يقيم في مصيف (دوفيل)، ولم تمض أيام معدودة على قدومه إليها حتى كان من أثر وجوده بها عدة حودث انتحار، وقعت بين رواد قاعتي (الروليت) و (البكارا). .

ولكن هبطت عليه ذات يوم برقية من مجلس الشياطين الأعلى المنعقد في (بروكن) تعدوه الى الذهاب من فروه إلى قرية س. . . في جبال الألب ليقضي هناك على أسرة صغيرة تعيش في سرور وهناء لا حد لهما، لأن الشياطين كما تعلم لا يطيقون رؤية بني البشر سعداء. . بلغ إبليس القرية، ولم يكد يصل إليها حتى قصد الدار التي تسكنها هذه الأسرة السعيدة لينتهي من أمرها في سرعة، ثم يعود على عجل إلى مصيفه في (دوفيل) حيث كان يتلذذ من إلحاق الأذى بلاعبي الورق. .

كانت هذه الأسرة السعيدة مؤلفة من ثلاثة: الزوج، وهو شاب جميل في الخامسة والعشرين والزوجة، وهي فتاة جميلة أيضاً في سن العشرين، والولد، وهو طفل لطيف في الأشهر الأولى من عمره. .

وكانت هذه الأسرة تسكن منزلاً صغيراً جميلاً شيد على رابية تشرف عليها جبال الألب الشاهقة وكأنها أسوار رفعتها يد العناية لحماية القرى المجاورة وسكانها الهادئين، من حوادث الطبيعة العظيمة. .

ذهب إبليس يزو الأسرة السعيدة في زي بائع أم متجول، كي يتعرف موضع عمله، فلم يجد الزوج إذ كان في عمله بالحقل، ولكنه وجد الزوجة في الحديقة تدلل طفلها، وقد ضمته إلى صدرها. حقاً! إن السعادة كانت بادية بأجلى مظاهرها على وجه الزوجة، ولكنها اعتذرت في لطف عن عدم الشراء، قم قدمت إليه قدحاً من النبيذ ليرفه به عن نفسه من عناء المسير، فشربه إبليس ثم شكر الزوجة وانصرف وهو حانق على مجلس الشياطين الأعلى الذي أزعجه في مصيفه (بدوفيل) لأمر تافه مثل هذا، لأن القضاء على سعادة هذه الأسرة بسيط جداً، فقد يكفي إعطاء الطفل جرعة من جراثيم الدفتريا، ليقضي عليه فوراً، فتصبح الأسرة في يأس ونكد

<<  <  ج:
ص:  >  >>