في ٢٨ مارس جرى في الأكاديمية الفرنسية انتخاب طال انتظاره على كراسيها الخالية؛ فانتخب ثلاثة من الأعلام الأحياء مكان ثلاثة من الأعلام الذاهبين؛ هم كلود فارير مكان لوي بارتو، وجاك بانفيل مكان بوانكاريه، وأندره بليسور مكان الأب بريمون. والثلاثة من أقطاب الكتابة والأدب، فإن كلود فارير قصصي كبير، وجاك بانفيل مؤرخ وصحفي بارع، وأندره بليسور مؤرخ ورحالة وصحفي كبير اشتغل حينا سكرتيرا لتحرير مجلة (العالمين) الشهيرة. ولكن أشد الخالدين الجدد اتصالا بالأدب هو بلا ريب كلود فارير
وكلود فارير ضابط بحري سابق؛ وكان مدى أعوام طويلة زميلا لبيير لوثي وصديقه الحميم؛ وقد تأثر بحياة البحر كما تأثر بها لوثي؛ وتأثر بعبقرية صديقه واتجاهه الأدبي. ولما توفى لوثي سنة ١٩٢٣ استمر فارير يحمل رسالته وينهج نهجه، فيؤثر البحر ورجاله، والمواني وأحياءها ومنتدياتها بكتابته؛ ولبث مثل لوثي يهيم بالمناظر والبيئات والشخصيات الغريبة
وكان أول ظفر أدبي لكلود فارير في سنة ١٩٠٣ إذ صدر كتابه الشهير (خان الأفيون) وهو مجموعة قصص وصور تمثل حياة المدمنين في الشرق الأقصى؛ وكان فارير يومئذ ضابطا برتبة ملازم في إحدى الدارعات الحربية؛ وفي سنة ١٩٠٥، أخرج قصته الكبيرة:(المتحضرون)، فنال بها جائزة أكاديمية (جونكور)، وذاع اسمه بين أقطاب الأدب، وبعد ذلك استمر فارير في الكتابة وإخراج القصص الصغيرة والكبيرة، ومن قصصه الكبيرة:(الرجل الذي قتل)، وهي على ما يرى بعض النقدة أعظم قصة لفارير، ومنها:(الحرب) و (منزل الأحياء) و (الآلهة الأخيرة) و (المحكوم عليهم بالإعدام) و (الرجال الجدد) وغيرها؛ وله عدة مجموعات من القصص الصغيرة أشهرها:(سبع عشرة أقصوصة بحرية) و (أحمد باشا جمال الدين) و (قصص الأباعد والأقارب) و (أربع عشرة أقصوصة عسكرية) وغيرها. ولفارير قطع مسرحية أيضا منها (توما لا نليه) و (قبيل الحرب)
وكلود فارير مثل صديقه بيير لوثي من أقطاب المذهب الابتداعي (الرومانتيزم) وقد تأثر مثل لوثي بأميل زولا. وقد كتب فارير مثل لوثي أيضا كثيرا عن تركيا والمجتمع التركي