للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى الأستاذ أحمد أمين:]

الضعف في اللغة العربية

للأستاذ محمد سعيد العريان

تناول الأستاذ الجليل أحمد أمين في العدد ٢٠٨ من الرسالة موضوع الضعف في اللغة العربية، بعد ما تناوله عديد من الصحف والمجلات في هذه الأيام؛ وما كان لي أن أعني بمناقشة ما قال الكاتبون في هذا الموضوع والإدلاء برأيي فيه لولا اعتدادي بمكانة الأستاذ الكبير وما لآرائه من خطر وقيمة، فأنا لهذا أكتب أليه أستدرك أشياء وأنبه إلى أشياء لعل لها أثراً في توجيه البحث ينتهي إلى الغاية التي يريد ونريد.

وأحب قبل أن أمضي فيما أنا بسبيله أن أؤكد لأستاذي ما لا بد من توكيده: إنني فيما أكتب إليهبعيد عما يسميه النزاع الشخصي أو التعصب الطائفي، فإذا رأى في مقالي ما يجعلني إلى طائفة من القائمين على شئون اللغة العربية فليتبرع لي بحسن الظن، وأن رأى مني انحرافاً عن الصواب فلينسبني إلى الخطأ في الاجتهاد، لا إلى الهوى والتعصب

وبعد فماذا يعني الأستاذ بالضعف في اللغة العربية؟ أتراه يعني إن اللغة العربية في هذه الحقبة من تاريخها الأدبي سائرة إلى الضعف؟ أم هو يعني ضعفها على ألسنة تلاميذ المدارس وطلاب الجامعة وناشئة المتأدبين من كتاب هذا العهد؟

هذا سؤال أحسب الجواب عنه صريحا محدداً في مقال الأستاذ؛ فما من شك في أن اللغة العربية في هذا العهد خير منها منذ ستين عاماً وقبل ستين عاماً، وإن لم تبلغ بعد الهدف الذي ترمي إليه. وأما ضعفها في السنة طلاب المدارس وخريجي الجامعة وناشئة المتأدبين، فأمر لا شك فيه كذلك ولا يحتاج إلى برهان.

وإذا تحدد موضوع البحث على هذا الوجه فأن علينا مناقشة الأسباب التي يرجع إليها هذا الضعف في اللغة العربية. وأرى الأستاذ الجليل يرجعها إلى أمور ثلاثة تتفرع في النهاية إلى ست مسائل: هي طبيعة اللغة نفسها، والمعلم، وبرامج التعليم، والامتحانات، والتفتيش، والمكتبة العربية. وسأقصر حديثي الآن على بعض هذه المسائل دون سائرها؛ إذ هي عندي أجدر بالعناية وأحق بالنظر. وأولى هذه المسائل هو المعلم، وأراني أشارك الأستاذ في قوله: (إن معلم اللغة العربية في المدارس على اختلاف أنواعها عليه أكبر واجب

<<  <  ج:
ص:  >  >>