للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من هنا ومن هناك]

الثالوث البريطاني في البلاد العربية

(عن مجلة (في الباريسية)

منذ بدأت إنجلترا تتبع سياسة الحكم غير المباشر في البلاد العربية، لم تكتف بجنودها البواسل وطياراتها ودباباتها تذرع تلك البلاد، فبثت في رجالاً ذوي مقدرة نادرة وكفاية عالية للسير بسياستها في طريق النجاح. وذلك أن أعمال (لورنس العرب) قد أصبحت تقليداً يتبع ومثلاً يحتذي عند الإنكليز.

وقد تبدو مهمة هؤلاء الرجال على جانب من البساطة، ولكنها في الحقيقة على خلاف ذلك. فهم في حاجة إلى التدخل بين العرب واكتساب مودة الأمراء وثقتهم فضلاً عن البدو والدهماء. فلا تمر صغيرة ولا كبيرة في العروش الشرقية إلا كان لهم شأن فيها. وهم يحاربون أعداءهم في صمت وهدوء

ويتبين مما كتبناه عن الإمبراطورية العربية - يرمي إلى المقالات التي لخصتها الرسالة في أعداد سابقة - أن النضال في البلاد العربية يدور في ثلاث مناطق هي محور الدائرة في الشرق الأدنى. وهذه المناطق هي: الرياض عاصمة مملكة ابن السعود، وعمان عاصمة الأمير عبد الله، والقفار التي يشغلها فوزي القاوفجي ورجاله الذين لا يهابون الموت ولا تقف جرأتهم عند حد. فمن الطبيعي أن نجد خدام الإمبراطورية البريطانية الصامتين في تلك البقاع

وأول (الثالوث البريطاني العربي) هو (فردريك جيرارد بيك) ويعرف في الشرق الأدنى باسم بيك باشا. وقد كان هذا المارد الذي يبلغ طوله ستة أقدام، الذراع اليمنى للورنس مدى ثورة الصحراء

وقد كان بيك متصلاً كل الاتصال باللجنة التي نظرت في تقرير مصير الولايات العربية بعد اندحار الإمبراطورية التركية. واشتغل برهة مع الملك فيصل في العراق. ولم يلبث أن رحل إلى الرياض لمفاوضة ابن السعود، وجاءت فترة بعد ذلك كان فيها ضيفاً كريماً على شيوخ العرب الذين يرأسون القبائل الثائرة في الصحراء، ثم اتصل أخيراً بالأمير عبد الله أمير شرق الأردن وصار أحد مستشاريه المخلصين، وقد عين مديراً للأمن العام في عمان

<<  <  ج:
ص:  >  >>