هل تؤدي الحرب اليونانية إلى انتصار قضية الديمقراطية؟ أو بعبارة أوضح هل يكون الميدان اليوناني الألباني ذا أثر كبير في وضع حد للحرب العامة؟ سؤال وجهه إلى أحد القراء، وهو سؤال طالما سمعته في المجالس، فرأيت أن أوضحه للقارئ. فإن انتصار اليونانيين وتقدم قواتهم السريع أمر غريب كما قال ملكهم. ولم يتوقع أحد أن يكون غزو إيطاليا لليونان سهماً قاتلاً يوجه للحركة الفاشستية، فيكشف عن ضعف عجيب في أحد طرفي المحور.
أما النصر النهائي لقضية الديمقراطية في الميدان الألباني فأمره مستبعد، فإن موقع الميدان الألباني الجغرافي لا يسمح بأن يرى العالم مصرع حكم الإرهاب، وإن كان هذا الموقع يعتبر أحد المنافذ القاتلة لحركات المحور العسكرية والسياسية، فقد كشف عن خطأ كبير، وأتاح للإمبراطورية البريطانية الحصول على مواقع كبيرة الخطورة جعلت الأهداف الألمانية والإيطالية أيسر تناولاً مما كانت عليه.
وليتاح لنا فهم الموقف بسهولة يحسن بنا أن نوضح ناحية من نواحي السياسة العسكرية البريطانية؛ فعندما انهارت فرنسا انهارت معها جميع الخطط العسكرية، سواء في الشرق أو في الغرب، وأصبح الدفاع عن الميادين التي تسيطر عليها أمراً متعذراً فضلاً عن اتباع سياسة الهجوم. ولكن هذا الوضع العسير لم يضعف من عزيمة الإنجليز، فرفضوا الصلح الذي عرضه هتلر وصمموا على مواصلة القتال. ولم يتمكن المحور من استغلال هذه الفترة والقضاء على قوات بريطانيا أو إضعافها في ميادينها بفضل الأسطول البريطاني البحري الذي عرقل مواصلات إيطاليا مع ممتلكاتها في أفريقيا ومنع عنها الإمدادات ومنع ألمانيا أيضاً من غزو الجزر البريطانية.
ويمكن القول أن سياسة إنجلترا العسكرية منذ ذلك الوقت إلى الآن هي سياسة استغلال الفرص. وكانت حماقة موسيليني في غزو اليونان فرصة ثمينة، مكنت القوات البريطانية من الحصول على أربع نتائج باهرة تحقق ثلاث منها وما زالت إحداها في دور التحقيق،