[شبح الحرب]
للأستاذ محمود غنيم
هو الموت أن قامت على ساقها الحرب ... وإلا فحسب الناس ما يفعل الرعب
يلوح لهم في النوم والصحو طيفها ... ودون انتظار الخطب أن يقع الخطب
فُزعنا فلا جفن من الخوف مطبِق ... ولا مستقر في مضاجعه جنب
ولا أنف إلا عالق بكمامة ... ولا دار إلا شُق في جوفها جب
وما اكتوت الأيدي ولا احترق الحشا ... بجمر كجمر لا يشب ولا يخبو
فيأيها الليث المكشر للورى ... حنانيك إما الانصراف أو الوثب
مطامع غر الغرب ومض سرابها ... فأصبح يصلى نارها الشرق والغرب
كأني بها قامت وشُب أُوارها ... وقد جفت الأقلام وانطوت الكتْب
سفين بلج البحر يرميه مثله ... وسر بأعلى الجو يقذفه سرب
وبينهما تمشي المنايا كأنها ... طيور وأرواح الأنام لها حب
وغى لا الدروع السابغات موانع ... أذاها ولا مُجدٍ بها الصارم العَضْب
تثلم حد السيف وانقصف القنا ... وأصبح لا طعن هناك ولا ضرب
كأني بها ترمي مدافعها فلا ... يطيش لها سهم ولا مضرب ينبو
تدمر ما تأتي عليه لو أنها ... تصوَّب نحو الألب دُلئبها الألب
هي البرق خطافاً هي الرعد قاصفاً ... هي الشهب إذ تهوي من الفلك الشهب
فمن كان يصطاد الحمام بنبله ... فأن لنا نبلاً يصاد بها القطب
كأني بها والطائرات بغازها ... تجود كما جادت بوابلها السحب
يمد إلى الأرواح كفيه خلسة ... فلا الرأس مقطوع ولا الدم منصب
رقيق الحواشي لا تكاد تحسه ... وألين منه الصخر والمعدن الصلب
له قطرات لا يبل بها صدى ... ولا يابس تبقى عليه ولا رطب
إذا انتشرت في الأفق لم ترع حرمة ... لأنثى ولا شيخ علا رأسه الشيب
إذا انتشرت في الأفق تصرع كاعباً ... وتخنق أمَّاً خلفها طفلها يحبو
لقد شِيب بالسم الهواء فهل ترى ... يشاب من الأنهار رسائلها العذب