للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

بغير عنوان

للأديب الشاب محمد أبو المعاطي أبو النجا

أكان ذلك بسمة ساخرة من تلك البسمات التي ترتسم على شفتي القدر حين ينظر إلى أحلام الناس!؟

أم كان ذلك لفتة بارعة من تلك اللفتات التي يهديها الزمن إلى أولئك الذين يأملون تحقيق السعادة في أرض لم يكن نصيبها سوى الشقاء!

لست أدري يا صديقي. . . وسواء أكان هذا أم ذاك. . . فإن ذلك لن يغير من حوادث تلك القصة كما وقعت في دنيا الناس، ولن يغير من آثارها كما تركت في دنيا الشعور.

ستسمع قصتي يا صديقي وسمها أنت ما شئت من أسماء فإن المؤلف الأعظم حين وضعها في كتاب الحياة لم يحدد لها عنواناً خاصاً. . . وإن كان كتبها في تلك الصفحات التي أفردها لتحمل إلى الناس رسالة الدموع. . .

كنت وحدي. . . ولكنها لم تكن وحدها، كان بيدي مجلة أقلب أوراقها على مهل، وكانت معها فتاة تصغرها قليلا عرفت من اتفاق ثوبيهما في اللون واقتراب وجهيهما في السمات. . . أنهما أختان.

وكان اليوم من أيام (يونيو) الشديدة الحر التي يترقب الناس فيها نسمات الأصيل ليخرجوا إلى المتنزهات العامة. . .

وكنت في أحد هذه المتنزهات. . . أنقل خطاي فوق الأرض التي خضب الربيع ثراها بدمه الأخضر. . . وأنقل عينني بين الأزهار التي شعشع النسيم شذاها بردائه الفشيف، وكان يخيل إلى إذا ذاك أن هذه الأزهار وهاته الأعشاب إنما هي باقة حلوة صنعها الربيع قبل أن يموت ليضعها الناس على قبرة هذا الذي ترتفع فوقه أكوام من الهجير.

وهكذا يا صديقي كنت مرة مع الحديقة بناظري ومرة مع الخيال بفكري؛ ولك الآن أن تسأل كيف استطاعت تلك الفاتنة أن تخرجني عن كل أولئك. . . وأن تصرع في ميدان الإعجاب جمال الورود والأصيل والناس.

كانت جالسة على إحدى الأرائك، وكانت أختها إلى جوارها. هذا ما يقوله لك كل إنسان

<<  <  ج:
ص:  >  >>