قرأت كلماتك في العدد ٧٩٥ من (حب الرافعي) وما كتبه في إحى المجلات السورية حول هذا الموضوع صديقنا الأستاذ حسنين مخلوف (الأديب الذي استهلكه التعليم)، وما عقب به صديقنا أيضا. . . الأستاذ كامل محمود حبيب (الأديب الذي استهلكته الوظيفة) وما علقت على ذينك الرأيين، أو ذلك الرأي الواحد المعروض على القراء في صورتين؛ ثم سؤالك من بعد:(هل عند أحد من سائر تلاميذ الرافعي شئ في هذا الموضوع)؟.
وقد فهمت من سؤالك هذا يا صديقي أنك تعتبني، ولعل هذا ما فهمه أكثر قرائك أيضا. . . فلولا أنني مشغول الآن بما يكاد (يستهلكني) أنا أيضا من أسباب الدفاع عن حريتي في الفن، وعما ينالني به بعض أهل الأدب من أسباب الكيد - لرأيتني سريعاً إلى جوابك، ولكنه موضوع لم يفت أوانه على كل حال. . .
أما أن الرافعي كان يحب (مى) صدرا من كهولته وإلى آخر عمره، فشئ لا أنكره ولا شك فيه، وليس ينكره أو يوشك فيه الصديقان الأدبيان مخلوف وحبيب، ولكن الذي ينكرانه أو يشكان فيه هو (ما هية هذا الحب) هل كان حباعقلياً، أو حبا فنياً، أو حباً إنسانياً، أو حب كل رجل لكل امرأة. . .!
هذه هي القضية كما عرضها الصديقان فيما رويت عنهما؛ وليس أمرا ذا بال - والمسألة بهذا الوضع - أن أخالفها أو أوافقها؛ فإن المخالفة أو الموافقة في (الرأي) لا تمحو حقا ولا تثبت باطلا، وإنما يمحو ويثبت أن تختلف (الرواية) وأنا قد (رويت) أن الرافعي كان يحب (مي) وقد (رويا) مثلي هذه الرواية، ولكنها بعد ذلك تناولا الأمر على نحو فلسفي، فراح كل منهما يصف هذا الحب في رأيه ويحاول استكناه حقيقته، فزعما أن حب الرافعي لمي لم يكن حباً انفعالياً، بل كان حبا إراديا يقصد إلى هدف وغاية. . . وهو نحو من التعليل قد يكون موفقا، وقد يكون التعليل الصحيح غيره؛ فهذه قضية سيكولوجية وفنيه يحتاج بحثها والفصل فيها إلى مقدمات، وإلى دراسة نفسية مقعدة تستند إلى أسانيد من (الرواية) وإلى