يحتفل أهل باكستان في اليوم الحادي والعشرين من شهر أبريل كل عام بذكرى إقبال، الشاعر الفذ والفيلسوف الحكيم والزعيم المدره والسياسي النابغة، الذي يرجع إليه عظيم الفضل في إيقاظ وعي المسلمين في شبه جزيرة الهند، وشحذ قواهم وجمع كلمتهم، ثم وقوفهم كالبنيان المرصوص، هبوا للمطالبة بحقوقهم وضمان مصالحهم
فالواقع أن إقبالاً كان من أعظم رواد فكرة الباكستان، ومن أكبر العاملين على تحقيقها، غذ رأى - وهو ذو الرأي الصائب - أن المسلمين في شبه جزيرة الهند ليسوا بمجرد الفئة أو الطائفة، وإنما هم قوم لهم جميع ما للأقوام الأخرى من مقومات وخصائص، فلهم أسلوب للحياة يختلف عن نهج الطوائف الأخرى، لهم دينهم ولهم لغتهم ولهم تاريخهم ولهم أبطالهم. ولذلك رأى أن الحل الوحيد لمشاكل الهند الدستورية - كانت هذه المشاكل يكاد يستعصي حلها - هو أن يستقل المسلمون الأقسام التي يؤلفون فيها أغلبية السكان، يحكمون أنفسهم بأنفسهم ويسيرون سيرتهم التي يؤثرون
قال في خطاب سياسي ألقاه سنة ألف وتسعمائة وثلاثين في اجتماع حزب العصبة المسلمة ما معناه:
(أود أن أرى البنجاب وإقليم الحدود الشمالية الغربية والسند وبلوخستان دولة مستقلة قائمة بذاتها)، وفسر قوله هذا بأن:
(ليس من حل يؤدي إلى تكوين نظام دستوري مكين في الهند - حيث يتباين المناخ وتختلف العناصر وتتنوع اللغات وتتباين نظم الحياة - إلا في إقامة حكومات مستقلة تجمع بين سكانها وحدة اللغة والعنصر والتاريخ والدين وتقارب المصالح) ثم أوصى المسلمين في نفس الخطاب قائلاً:
(إنني لا أنصح المسلمين قط بقبول أي نظام لا يقر لهم بكيانهم السياسي المستقل)
لم يكن محمد إقبال - رحمه الله - لينطق عن الهوى عندما نصح بهذا لبني قومه، وإنما كان يعرب إعراباً صادقاً عما كان يخالج مشاعره - وهو الشاعر الفذ - من انفعالات