كون المعز لتثبيت عرشه جيشاً لجباً كان أكثره من قبيلة كتامة التي ساعدت الأسرة المالكة وأخلصت لها في بلاد المغرب، وعلى يديها تم فتح مصر، ولكن جيش الفاطمية لم يحتفظ بوحدة عنصره خوفاً من استبداد هذا العنصر فكون خلفاؤهم فرقاً أخرى من الديلم والأتراك حتى إذا كان عهد المستنصر استكثرت أمه من السودان. حتى بلغوا نحو خمسين ألفاً، وأستكثر هو من الأتراك فلما جاء بدر الجمالي من عكا أقام له جنداً من الأرمن أبناء جنسه، وصاروا معظمهم الجيش، وشبت الحروب الصليبية، والجيش في مصر مكون من هذه العناصر المختلفة، إليها عنصر البدو من بلاد الحجاز، ويظهر أن الفاطميين لم يكونوا من أبناء مصر فرقاً في جيشهم، فلم يرد ذكر لفرقة مصرية في كتب التاريخ، ولم يحدثنا عنها ناصري خسرو الذي وصف الجند في عهد المستنصر؛ وإنما اعتمدوا على هذا المزيج الأجنبي مما يسر لصلاح الدين قلب دولتهم من غير أن ينهض المصريون للدفاع عنها.
كان الجيش في مصر مكوناً من هذه العناصر المختلفة التي ظلت تغذيه في المدة الباقية من الحكم الفاطمي وسميت فرقه بأسماء مختلفة تدل على موطنها حيناً كطائفة البرقية الذين قدموا من برقة أو على من كونها حيناً آخر من خليفة أو وزير كطائفة الحافظية والآمرية والجيوشية والأفضلية، نسبة إلى الخليفة الحافظ والخليفة الآمر وأمير الجيوش بدر الجمالي وابنه الأفضل، أو على جنسها كالفرقة الرومية والسودانية، أو قبيلتها كفرقة المضامرة المكونة من إحدى قبائل البربر، أو زعيمها كطائفة الميمونية نسبة إلى ميمون.
لم تذب هذه العناصر بعضها في بعض لتكوين وحدة متسقة، ولكن احتفظ كل عنصر بشخصيته، وسكنت كل طائفة في حارة خاصة بها ولم تكن الصلة بين هذه الطوائف صلة حب ووئام دائماً وإنما كانت المنافسة هي المظهر السائد بينها. وكثيراً ما أدت المنافسة إلى