قرأت اليوم في (الرسالة) الغراء صحيفة النقد التي تسميها (الرسالة) صحيفة (الكتب)، وقرأت فيها للأستاذ الجهبذ العلامة محمد بك كرد على كلمتين، إحداهما عن كتاب (فتح العرب لمصر)؛ والثانية عن كتاب (فنون الطهي الحديث).
ولقد عناني أن أقرأ ما كتبه الأستاذ الفاضل عن كتاب فتح العرب لمصر بنوع خاص، لأن ذلك الكتاب حبيب إلى نفسي لصيق بها. ورأيت الأستاذ الفاضل يذكر عن الكتاب بعض حسناته فشكرت له ذلك، فالكتاب جدير من الناطقين بالعربية بكل تقدير وإعجاب، إذ هو مثل عال من أمثلة البحث الدقيق العادل، فوق ما يمتاز به من قوة الأسلوب وجماله في لغته.
ثم عرج الأستاذ على الترجمة والمترجم، فتفضل بأن وصف المترجم بأنه أعتني عناية شديدة (بتجويد ترجمته على صعوبتها لما حوت من النقول العربية وغيرها من اللغات ليرد الوثائق إلى أصلها). ثم ذكر ما سماه تحريفاً في الأسماء، وذكر من ذلك أمثلة على إني وإن شكرت له قوله إن المترجم قد عنى بالترجمة عناية (شديدة) أرجو أن أراجعه في زعمه أن ترجمة تكون محرفة إذا قلنا هي (أذاسا)، فإن إطلاقي ذلك الاسم على المدينة كان مقصدواً، فالمدينة معروفة بالرها وبأذاسا، والاسم الثاني أقرب إلى التسمية العامة في اللغات المختلفة، فكان هذا سبباً في تفضيل (أذاسا) على الرها؛ وأما برجاموس أو فرغاموس فلا أدري وجه التحريف فيها، فإن الباء والفاء والجيم والغين كانت دائماً موضع اختلاف في وضع العرب للاسماء، ولا سيما المحدثين منهم، وقد آثرت أن أكتب الاسم بالعربية قريباً كل القرب من الاسم القديم الذي كان ولا يزال معروفاً يطلق على المدينة التي كانت في آسيا الصغرى. وأما (أفسس) و (أفيسوس) فلم أفطن إلى وجه التفرقة بينهما، ولا إلى وجه التحريف في الاسم الذي أوردته في الترجمة، فليس بين الكلمتين من فارق إلا إثبات حركات الكلمة على النحو الذي يسهل النطق بها.
على أن الأستاذ الفاضل لم يكتف بعد ذلك بتوجيه النظر إلى هذا التحريف الذي زعمه، بل