أكاد أحكم بأن جمال الحياة من صُنع أيدينا، وأن الله لم يجعل الإنسان خليفته في الأرض إلا بعد أن زوّده بالقدرة على تجميل الحياة بأغرب وألطف ألوان التجميل
وملكات الإنسان تؤهله للغرور القائم على أساس، فمن حقه أن يزعم أنه يهب الحياة للحياة، وأن يقول في بعض حالات التمرد إنه خالق لا مخلوق
ولن نؤمن بالله حق الإيمان إلا يوم نعرف على وجه التحديد أو التقريب قيمة ما خصنا به من القدرة على تلوين الوجود بأشتات من الألوان
والواقع أن العزة الإلهية دانت الإنسان بديون تعجز عن حملها الجبال. ولا يعاب على الإنسان إلا غفلته عن استثمار ما في صدره وروحه وعقله من كنوز تفوق الذخائر المعروفة والمجهولة في جميع بقاع الأرض. . . هو يملك ثروة معنوية في غاية من النفاسة، ولكنه قد يجهلها بعض الجهل أو كل الجهل فلا يبذل في استكشافها أي مجهود، ولا يؤذيه أن يعيش على الفطرة كما يعيش سائر الحيوان
كل أمة من الخلائق تنقرض بالموت، إلا الأمة الإنسانية، فهي تترك شواهد خوالد على ما قدمت للحياة من أفانين العقل والذوق، وهل كان من المصادفة أن تتفق الديانات على أن البعث بعد الموت مقصور على الأمة الإنسانية؟
وأنا مع هذا أفترض أن البعث لن يكون عاماً، وسأحرص على هذا الافتراض لغاية أخلاقية توضحها السطور الآتية:
يوم البعث هو يوم الحساب، ومعنى ذلك أنه خاص بمن كانت لهم إرادات ذاتية تدرك معاني الثواب والعقاب، ومعناه أيضاً أن الذين مرّت حياتهم بلا إدراك قد يضافون إلى الخلائق المنسية، إن صح هذا الافتراض
ولكن ما هذا التهيب في عرض هذه النظرية؟
هل أخاف من أن يعترض معترض وبيده الأثر الذي يقول: أكثر أهل الجنة هم البُله والمجانين؟