[العودة إلى الريف]
بقلم فريد عين شوكة
أمل على رغم الزمانِ يوافى ... يا طالما ضنّ الزمانُ الجافي
لج الحنين بمقلتيّ إلى القرى ... مأ وى صبايَ ومُنتدَى إلا في
يا نفسُ فاستبقى الزمانَ إلى غد ... فغدٌ قرارُك بعد طول طواف
إسكندرية يا عروس الشرق من ... ماضي العصور وغابر الأسلاف
ومُنى الشباب وُبغية الفتيات في ... الصيف الحرور ومتعة المصطاف
مهماَ حبتْكِ يد الرشاقةَ حليها ... ولبستِ أبراد الجمال الضافي
وبهرتِ شبان البلاد وشيبها ... برُوائك المتوقرق الرّفاف
فالريف أزين من حِماك حرائراً ... وأحبُّ لي من هذه الأطياف
خطرت عليه يد الإله فأبدعت ... ما شاء من وشىٍ ومن أفواف
وصفت أصائله وطاب نسيمه ... كنسيم جنات النعيم الصافي
وسعى إليه وران فوق ربوعه ... سحرٌ عن العين الكليلة خاف
سحر تحيرت النُّهي في كنهه ... فسمتْ به عن رائع الأوصاف
يا ريفُ شاهَ جمالك السحريّ من ... سيل الخطوب الماِحق المِتلاف
وعدتْ عليك يد المدائن فاجتنت ... ما فيك من ثمر وطيبِ قطافِ
وازدانَ مغناها بماِ لك فاغتدت ... فتانة الأحشاء والأطراف
حتى استطال الفقر فيك وصوَّحتْ ... دنياك من تحفٍ ومن ألطاف
وتكبكب الفلاحُ في أزماته ... وغدا بمصر ضحية الإسراف
وأمضّه الفقر العضوض فحاله ... ما بين مسغبةٍ وبين كِفافِ
وبنوه - يا لبنيه! - من غول الضنى ... زهرٌ ذوىَ من حُرقة وجفاف
إن ضجّ بالشكوى فما من مُسعد ... أو ضاق بالبلوى فما من واف
آذانهم صمّاء عما يشتكى ... وعيونهم عما دهاه غوافِ
لكنهم متدافعون عليه كالطير ... الصِدىّ على النمير الشافي
يجبون من دمه العزيز نقودهم ... لتضيع في سرفَ وفي إتلاف