[هرم خوفو]
للأستاذ عبد الرحمن شكري
يا موجة للدهر لم تُهْزَمِ ... تعلو عُلُوَّ الجبل الأعظم
وما رأينا قبلها موجة ... تعلو فلا تحدر للمحطم
ما الناس والآثار من بَعْدِهم ... إلا كموج إن علا يُهْزَمِ
موج لبحر ما له ساحل ... إلا الردى في لحده المظلم
كم عند شط الموت شِلْوِ رَدى ... يقذفه الدهر إِلى ضيغم
هل أنت شِلْوٌ لزمان مضى ... رفاته الآثار لم تُرْدَمِ
لم يبق من عمران من قد مضوا ... إلا بقايا الجلد والأعْظُمِ
كأنما يُذْخَرُ من مجدهم ... ما يُذْخَرُ النمل من المَطعم
كيف نُرَجِّي الدهر ذا عفة ... إِن ذاق طعم اللحم لم يقرم
لا يسمع الدهرَ سوى مُنْصِتٍ ... بالروح إن يُصْغِ له يبكم
همهمة يطلقها عارم ... إن يمضغ المودى به يبغم
هل خاف هذا الدهر صرف الردى ... فشاد صَرْحاً منك لم يُثْلَمِ
لا يجرؤ الموت على بيته ... في هرم كالجبل الأدهم
أم شادك العقلَ لكيما يرى ... من فوقك الأقدار لم تهجم
بعيدة لم تَبْدُ أشخاصها ... تهفو لنا في يومها الايومِ
كي يؤْذِنَ الناس بِإقبالها ... من قبل أن تفجأ بالمَقْدَمِ
إِن أرزم الرعد على شاهق ... ففوقك الأيام كالمرزم
أو كللت هَامَته ديمة ... وطفاءُ مثل المِجْسَدِ المسهم
فوقك أرواح عصور خلت ... كديمة سوداء لم تحسمِ
هدت يدُ الدهر مشيدَ البنى ... وهو إذا أمَّكَ كالأجذم
كم أنزل الدهر شآبيبه ... على جبين منك لَم يهرم
كالمزن فوق الزهر يحيا به ... زهر الرُّبى من غيثه المُرْهِم
كأنما روح زمان مضى ... معشش فوقك كالقشعم