للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أحرب تشب أم ثورة تُقْمَع؟

للأستاذ نقولا الحداد

في أخبار الأمس أن الجامعة العربية طلبت إلى هيئة الأمم المتحدة الاعتراف بدولة عربية في فلسطين. فإن كان هذا الخبر صحيحاً فهو مثل قولك: إن الولايات المتحدة الأمريكية طلبت من هيئة الأمم أن تعترف بدولة أمريكية في أمريكا. فلا أصدق أن الدول العربية طلبت الاعتراف بدولة موجودة من زمان!

إن الدولة الفلسطينية كانت موجودة قبل الانتداب البريطاني، وقد جاء الانتداب البريطاني اعتداءاً عليها فكتم أنفاسها. فلما انتهى الانتداب، أو تنازلت عنه بريطانيا، عادت الدولة العربية الفلسطينية إلى كيانها الطبيعي، فلا معنى لمطالبة الجامعة العربية لهيئة الأمم بالاعتراف بدولة عربية في فلسطين، لأن هذه الدولة كانت موجودة قبل أن توجد هيئة الأمم، بل قبل أن توجد عصبة الأمم المؤحومة التي فرضت الانتداب، فلا داعي لأن تعترف بها هيئة الأمم الآن، وإلا فعليها أن تعترف بدولتي إنكلترا وفرنسا اللتين خرجتا من الحرب السابقة دولتين كما كانتا!

وتحرير الخبر أنه لما وقعت الحرب الكبرى السابقة اتفق الإنكليز مع المغفور له الشريف حسين، على أن يشترك معهم في محاربة الأتراك، حتى إذا تم النصر لهم كانت البلاد العربية المتخلفة عن الدولة العثمانية دولة عربيةقائمة بنفسها تحت حكم الشريف حسين كملك عليها.

وقد برَّ الشريف بوعده، ودفع بجنوده إلى ساحة القتال مع الإنكليز وحارب الأتراك. ثم تمَّ النصر للحلفاء - ولولا معاونة العرب ما انتصر الإنكليز. لأن العرب كانوا العنصر الفعال في تلك الحرب - ولكن الإنكليز لم يبرٌّوا بالوعد، بل نقضت بريطانيا وعدها بخيانة فاضحة، إذ تقاسم الإنكليز والفرنسيس ميراث الدولة العثمانية في الشرق العربي، وتولت فرنسا الانتداب على سوريا ولبنان، وإنكلترا على فلسطين (ومعها شرق الأردن) والعراق. وبقى الملك حسين ملكاً في الحداز كما كان من قبل. وكان من طغيان الانتداب الإنكليزي إعلان وعد بلفور الشيطاني بوطن قومي لليهود وما تلاه من تدفٌّق اليهود على فلسطين وتسليم بريطانيا لهم زمام الطغيان في البلاد كما هو معلوم، وليس غرضي من هذه الفذلكة

<<  <  ج:
ص:  >  >>