للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

بين العراق ومصر

سيدي الأستاذ الجليل صاحب الرسالة

لكم تألمت حين قرأت في (الأهرام) وغير الأهرام وسمعت من إخواننا

المصريين ما كتبوا وقالوا في تأويل حادث الدكتور الشهيد سيف رحمه

الله. وكم وددت أن أكتب كلمة في الموضوع أبعث بها إلى الرسالة أدفع

فيها عن العراق وأبين عن وجه الحق، ثم ظننت أن الرسالة تضيق

عن مثل ذلك صفحاتها فترددت، حتى طلعت علينا يا سيدي بمقالتك

البليغة التي قطعت قول كل كاتب وخطيب، فسرني منها ما يسرني من

كنز أقع عليه، أو أمل أصل إليه، وشكرتها لك أنا وأصحابي، شكر الله

لك سعيك وجزاك خيراً، فلقد ذدت والله عن الحق حين ذدت عن

العراق، ولقد شهدت شهادة الحق بما رأيت في العراق

وهذه شهادة أخرى، أشهدها بالله ولله، أن قد عشت في العراق سنة، كنت فيها مع التلاميذ أخاً بين إخوان، لا مدرساً بين تلاميذ، فما رأيت إلا كرماً ووداً، ووفاء وتقديراً، ورقة في الطبع وسموًّا في النفس. ولقد كنت على أن أكتب ذلك من أمد طويل، فكان يمنعني أن الناس يظنون بكل صاحب ثناء رهبة أو رغبة، وما بي رغبة ولا رهبة، وإنما بي حب العراق وإجلاله كحبي لمصر وإجلالي إياها

وأشهد لقد عرفت هذا الطالب في العام الماضي طالباً في صف البكالوريا فعرفت فيه الفتى المهذب الوديع، فلما سمعت بفعلته التي فعل، بلغ مني العجب، ولم أرد ماذا حاق به بعدي؛ ثم سألت وتحسست الأخبار فعلمت أنها صدمة (الرسوب) طارت بلبه ولم يطق عليها صبراً (والصبر عند الصدمة الأولى) وتملكته حال لو رأى معها أباه لقتله، فعزم وأمضى عزمه في لحظة واحدة فهل يلام في شرع أو عرف من ذهب اليأس بلبه فمضى يفعل فعله من غير لب؟ وهل تؤخذ بجريرته هذه الأمة الحبيبة الوفية المسلمة العربية، وهل تنسى

<<  <  ج:
ص:  >  >>