اطلعت في العدد الأخير من مجلة (الرسالة) الغراء على مقال بالعنوان الذي اخترناه لكلمتنا هذه بقلم الأديب محمد فهمي عبد اللطيف، فأردت بعد قراءته أن أقدم لحضرته هذه الكلمة في غير ردّ عليه ولا تزييف لقوله. وعسى أن تكون هذه الكلمة البريئة رسالة تعارف ودّي بيني وبين الناقد الكريم تتلاقى به الأشباح كما تلاقت الأرواح، فطالما قرأت له بمجلة (الرسالة) القيمة مقالات شائقة ممتعة؛ ولا غرو في ذلك فالرسالة ميدان تتبارى فيه فرسان البلاغة وجياد البراعة، وهي المجلة التي يتقبلها الأدباء بقبول حسن ويحلّونها من أنفسهم أكرم محل
افتتح حضرة الناقد الجهبذ مقاله الكريم بكلمة طيبة أثنى فيها على تلك الهمة المشكورة التي يبذلها حضرة الأستاذ الدكتور أحمد فريد الرفاعي في إحياء الأدب العربي وبعث تراثه من مراقده ونشر موسوعاته الجامعة؛ وراقه من كتاب نفح الطيب (وغيره طبع متقن وضبط كامل وتقسيم واضح وتصحيح دقيق تقوم وزارة المعارف بمراجعة أصوله النهائية مبالغة في إجادته وحرصا على إتقانه)؛ ونحن نشاركه في هذا الثناء ونتوجه بالشكر الجزيل لحضرة صاحب المعالي زكي العرابي باشا وزير المعارف الجليل وإلى حضرتي وكيليه الهمامين، فما منهم إلا نصير للغة وآدابها عامل على ترقيتها، فجزاهم الله خير الجزاء. وكذلك سرّنا من حضرة الناقد أن نوه بالمحاسن - وإن أجمل القول في ذلك إجمالاً - فجانب بذلك عادة عرف بها كثير من نقادنا وهي إغضاؤهم عن الحسنات وتشهيرهم بما يرونه هفوات
فليس من الحزم في شيء أن ينزل الكاتب - لشهوة الكتابة - على حكم النظرة الأولى العجلى فطالما أعجلت الكاتب عن التفكير، وكان حكمها خاطئاً بعيداً عن الحق متنكباً جادة الصواب؛ وليس من الكياسة الحكيمة أن يسرع بعض الناقدين إلى رمي من ينقدون أعمالهم