يجمع الباحثون على أن الديانة المصرية هي أولى الديانات البشرية التي ظهرت على وجه الأرض من غير استثناء. ويؤكد بعضهم تأكيداً قاطعاً بأنه لم تظهر ديانة في الدنيا إلا ولها في عقائد وادي النيل عنصر، وإن كل الديانات الإنسانية ليست إلا فتاتاً متساقطا حول مائدة بلاد الفراعنة الذين سبقوا جميع سكان الكرة الأرضية إلى حمل لواء المعرفة وفتح كثير من مغلقات العالم وحل الغاز الكون. ومن أشهر العلماء الذين يعتنقون هذه الفكرة العالمان الإنجليزيان:(بري) و (أليوث سميث). أما الأستاذ (دينيس سورا) فيؤمن بالفكرة الأولى وهي سابقية الديانة المصرية على جميع الديانات الإنسانية، ولا يستبعد أن تكون جميع التطورات الدينية قد وجدت في مصر من الوثنية المحضة إلى الروحية المغالية في التجردية، بل إلى (اللأدرية) المطلقة، ولكن الذي يعارض فيه هو أن بقية الشعوب القديمة قد تغذت من تساقط فتات المائدة المصرية، كما يقول بعض العلماء؛ وبراهينه في هذه المعارضة هي:
أولاً: أنه لم يثبت عن المصريين أنهم بعثوا بعثات إلى البلاد الأجنبية للتبشير بدياناتهم حتى انتشرت بين ربوع تلك الأمم.
ثانياً: أن الآثار المصرية التي يعتمد عليها العلماء في حكمهم هذا لا تؤيدهم في دعواهم إذا تأملوا في الأمر تأملا دقيقا، لأنها ليست إلا رموزا وطلاسم قصد بها كاتبوها غايات دينية محضة لا تسجيل حقائق علمية ولا إذاعة أسرار الدين وإبانة تطوراته المختلفة. وإذاً، فلا يمكننا أن نعتمد على تلك الآثار في حكمنا، وفوق ذلك فإن أسرار العقيدة المصرية الأصلية لم تذع بين أفراد الشعب إلا في عصور التدهور أي حوالي القرن السادس قبل المسيح.