للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتابان قيمان]

للأستاذ عباس محمود العقاد

الأستاذان علي أدهم وعبد الرحمن صدقي أديبان من جيل واحد، أحدث سناً من جيل أدباء الشيوخ، وأكبر سناً من جيل الأدباء الناشئين.

فهما قد نشا في إبان النهضة الأدبية الحديثة التي قامت على أسسها الطبيعية وأسبابها المعقولة، وهي الأسباب التي أشار إليها الأستاذ علي أدهم في مقدمة كتابه (ألوان من أدب الغرب) فقال إنها تتلخص على الأغلب الأعم في تلاقي ثقافتين. . . (فالأدب اليوناني القديم لم ينهض إلا بعد احتكاكه بثقافة قدماء المصريين، والأدب الروماني لم يستكمل نضجه إلا بعد احتكاكه بالأدب اليوناني، والأدب العربي نهض نهضته المعروفة وتعددت مناحيه واتسعت آفاقه بعد احتكاكه بالأدب الفارسي والثقافة اليونانية والرومانية، والأدب المصري الحديث يسير الآن في طريق النهوض والتسامي باحتكاكه بالثقافة الغربية خاصة وسائر الثقافات العالمية عامة).

ومن مزايا هذه النهضة التي نشأ الأديبان معاً في أبانها أنها جمعت ذخيرتها من احتكاك الثقافات، فكان لأدبائها زاد من الأدب الأوروبي عامة والأدب الإنجليزي خاصة، فاستفادوا صحة الأسلوب وجودة اللغة، واستفادوا سعة الموضوعات ودقة الأداء، وسلموا من اللوثة الأخيرة الهوجاء التي أعقبت جيلهم أو اندفعت في طريق هي أقرب إلى التفانين أو (التقاليع) كما نقول في لهجتنا البلدية، مع قلة الزاد من اللغة وقلته من الاطلاع.

والأديبان على نشأتهما في جيل واحد، يتجه كل منهما حيث تهديه سليقته ويسلك به مزاجه وملكات طبعه. فالأستاذ علي أدهم أقرب إلى منزع البحث والتفكير والدراسات والفلسفية التاريخية، والأستاذ عبد الرحمن صدقي أقرب إلى منزع الأدب والشعر والدراسات الفنية، وليس أدل على السليقة المنتظمة من أن ترى كليهما يثبت معالم هذا الاستعداد في كل أثر يخرج من لمه ولو كان في حيز المقالة القصيرة، فضلا عن البحوث المطولات، وهكذا كانا في كتابيهما الأخيرين اللذين ظهرا على التوالي منذ أسابيع.

صدر كاتب الأستاذ علي أدهم ألوان من أدب الغرب ثم تلاه كتاب الأستاذ عبد الرحمن صدقي (ألحان الحان) أو سيرة الشاعر العباسي أبي نواس.

<<  <  ج:
ص:  >  >>