مقال لمشروع القرش، وحول مشروع القرش، يحضر النفس ذكر الشباب، والتضامن والاستقلال والحياة والقوة وتجديد مجد مصر. . ثم نحن الآن في رمضان: صوم وزهد وتدين. . فمن تداعى هذه المعاني يأتلف العنوان (التجديد في الدين).
عنوان قد يطلع على البعض جريئا بل ربما كان مزعجا لكثير من المتدينين الذين يتعجلون الحكم على الأشياء قبل اختبارها ويبتدرونها بتلك الأحكام الغاضبة السريعة. فان يفعلوا ذلك قبل الفراغ من المقال فهذا هو الذي يفقد أحكامهم قوتها وحرمتها. وإن يتريثوا حتى يقرءوا فسيرون أنهم كثيرا ما يثورون في وجه من لا يستحق منهم الا التقدير.
عنوان قد يكون نابيا قلقا عند غير المتدينين. لأنهم يرون في الشيوخ صورة المحافظة المسرفة، بل يعتبرونهم حجر عثرة في سبيل التجدد على اختلاف ألوانه. ويحملونهم تبعة الكثير مما أوقف الشرق وأخره. ويرونهم جند الرجعية ومرجعها. ويصدر الكثيرون عليهم أحكاما رهيبة. لكنها سرية قل من يجرؤ على مجاهرتهم بها. فأصحاب تلك الآراء والأحكام قد يعدون هذا العنوان دعابة مازحة ومفارقة فكهة. لكنهم إن يتعجلوا الحكم كذلك قبل أن يقرءوا فهذا بعض تطرفهم الذي يفقد جهادهم قوته ويعوق نجاحه. وان يطمئنوا حتى يقرءوا فسيرون أن كثيرا مما ثاروا فيه على الدين ليس من الدين في شيء وأن الدين غير المنتسبين إلى الدين.
العنوان حقيقة صحيحة صريحة لا فكاهة فيه ولا مروق (إن شاء الله) ففي الدين فكرة واضحة عن التجديد تبين ناموسا كونيا وتنبه إلى سنة اجتماعية مطردة لا تتبدل. إذ ورد في الحديث (أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها دينها) أو ما هذا معناه. وهو حديث صحيح نص على صحته متقدمون منهم البيهقي والحاكم ومتأخر ون منهم ابن حجر والعراقي. . وراجت فكرة التجديد في الإسلام. وعني العلماء ببيان مجددي كل مائة وتعيين أسمائهم وأعمالهم والترجمة لهم. . . ولا أريد هنا وفي هذه الإلمامة الصحفية، أن أعني باستقصاء تاريخ فكرة (التجديد في الدين) بل اكتفي بأن أشير في ذلك