[أنشودة الذكرى]
في عيد الربيع
للأستاذ محمود الخفيف
ياَ حَدِيثَ النَّفسِ في خَلْوَتِهاَ ... ياَ أَغَانِيهاَ وَياَ لَحْنَ بُكاَهَا
ناَمَتِ الأَلْحَانُ لَوْلاَ شُعْلَةٌ ... فيِ حَنَاياَ الصَّدْرِ لَمْ يَخْبُ لَظَاهَا
هَيِ ذِكْرَى لِعُهُودٍ أَدْبَرَتْ ... رَجَّعَ الشَعْرُ مِن الماضِي صَدَاها
مَا لهِذَا الذَّابِلِ المُرْتَعِشِ ... رَفَّ فِي صَدْرِيَ شَوْقاً وَهَفَا؟!
كُنْتَ ياَ قَلْبُ تَأَسَّيْتَ فَمَا ... جَدَّ من عَيْشِكَ أَوْ ما اخْتَلَفاَ؟
أَيَّهاَ الخافِقُ في وَحْدَتِهِ ... فِيمَ ذِكْرَانُكَ عَهْدً سَلفاَ!
أَوْرَقَتْ ياَ قَلُبُ في الروْضِ الغُصُونْ ... وَزَكاَ الوَرْدُ وَرَاقَ الَموْسِمُ
وَمَشَى في الأرْض عُرْسٌ بَهِجٌ ... نَفَحَاتُ الْخُلْدِ فِيهِ تَنسِم
وَالْتَقَى الشَّمْلُ فَبشْرٌ وَمُنىً ... وحبيبٌ لحبيبٍ يَبْسِمُ. . .
إيه يا قَلِبي، دَوَاعِي الأمَل ... لَمَحَتْ في كلِّ غُصْنٍ أَوْرَقَا
لاَ تُلَبِّيهاَ وَقَدْ كُنْتَ إِلَى ... سِحْرِهَا مِنْ كُلِّ قَلْبٍ أَسْبَقَا!
زَمَنُ الوَصْلِ حَلَتْ أَيَّامُهُ ... وَقُصَارَاكَ بِهِ أن تَخفِقاَ!
ياَ فؤادِي كلُّ شَيْءٍ ضَاحِكٌ ... في رَبِيعٍ راقَتْ الدُّنياَ بِهِ
في رَبيعٍ يُنبِت الوُدَّ وَمَا ... يَمْلأُ الأنفُسَ مِنْ أَسْبَابِهِ
طَاف في الرَّوْضِ عَلَى سُنْدِسِهِ ... بِرَحِيقِ الْحُبِّ فِي أَكْوَابِهِ
هَذِهِ ياَ قلبُ أفوافُ الرَّبِيعْ ... مِهْرَجَانٌ بَثَّ فِيهِ خَطَرَاتِهْ
يُبْهجُ الأَنْفُسَ مِنْ أَزْهَارِه ... بَسَماَتٌ حُلْوَةٌ مِنْ بَسَماَتِهِ
وَأَحَادِيِثُ جَرَتْ عَاطِرَةً ... زَاخِرَاتٍ بِمَعاَنِي صَبَوَاتِهِ
الرِّضَا والسِّحْرُ فِيها وَالمُنَى ... والشبَّاَبُ الغَضُ بُوحي نَزَوَاتِه!
ابْتَهجْ واطْرَبْ وَرَفْرِفْ والْعَبِ ... وَتَنَقّلْ في الرُّبُوعِ النَّضِرَهْ
الْتَمِسْ في كُلِّ رُكْنٍ فَرْحَةً ... كاَلْفَراشَاتِ، وَغَازِلْ زَهَرَهْ
واجْتَلِ الرَّوْعَةَ في أَفْوَافِهِ ... أَفْرَغَ السِّحْرُ عَلَيْهاَ صُوَرَه