[البريد الأدبي]
حول المدرسة الرمزية
سيدي الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد:
لست أريد من هذه الكلمة القصيرة التي شرفها أنها موجهة إليكم، إلا
أن أذكر لسيدي الأستاذ أن الجملة الأخيرة التي أنهى بها مقاله عن
(المدرسة الرمزية) في عدد سابق، هي نفسها ما ظللت أشعر به منذ
سنين، آن ملت إلى الرمزية أنصفها وأنقذها من أيدي من كفانا الأستاذ
الكريم عناء وصفهم ولله الشكر. . . فلقد لمست بيدي ضرورة الإيمان
بأن (ميزان الصدق في هذا المذهب أن يكون الرمز ضرورة لا اختيار
فيها). . . وأن يكون الإيحاء (لتقريب المعنى البعيد لا لإبعاد المعنى
القريب). . . أي وربي. . . ولا أخفي على الأستاذ أني ما شعرت
بهذا إلا من كثرة ما أغوص في نفسي الحزينة المتألمة، حيث أقف
على كل عاطفة، دقيقة وغير دقيقة، وكل معنى، واضح أو مبهم، فأذهل
في هذه المرحلة التي أسميها مرحلة العواطف، وأشعر أني في جو
جديد، أنصت للهمسات المتشردة، وأرنو إلى ألوان متتابعة. . . حتى
يأتيني هيجان النظم، فلا أقنع بما دون الحالات كلها وأجرب وصفها
وتصورها. . . فأضطر إلى أن أغالي. . . فأغالي. . . وما العمل؟
وأصبح لا أريد من الرمزية إلا الوقوف على هذه الحالات الدقيقة،
مردداً في كل مناسبة هذه الجملة التي كادت تكون تسبيحي: (إذا
الرمزية لم تأخذ على عاتقها إجلاء غوامض النفس فحري بها أن لا
تكون. . .)