في اليوم الخامس عشر من أغسطس الماضي كان قد مضى خمسة عشر عاماً على نشر قصتي الأولى (كيرا كيرالينا) في مجلة (أوروبا).
لقد كنت في ذلك الوقت رجلاً سعيداً. فقد كانت صحتي أولاً خيراً مما هي اليوم، ولم أكن أحمل هذه المشاغل التي تسحقني سحقاً. كذلك كنت أشعر بالسعادة لأنني كنت قد انتهيت من كتابة قصتي (كيرا) وأنا أشتغل مصوراً فوتوغرافياً متنقلاً أنعم بالحرية والمرح. وكنت أعتقد أنني قد (فتحت ثقباً في السماء) كما يقولون في رومانيا. وأخيراً كنت سعيداً لأنه كان لي صديقة صغيرة من الألزاس أرادت عن طيبة خاطر أن تشاركني مصيري كمصور فوتوغرافي متنقل وليس هذا بالأمر اليسير.
كان الشهر شهر يوليو عندما اتخذت أولاً طريق بانيول دولورن، وقد تسلحت بجهاز فوتوغرافي جديد وجميل تجاورني رفيقتي الباسلة. على أنني لم أقم إلا مدة قصيرة في هذه البلدة المتعبة للأعصاب حيث شراب السدر الرائع، والغابة الممتدة الأطراف، ولم يكن شراب السدر هو السبب في قصر مدة إقامتي، بل السبب هو تلك الغابة التي بها، ذلك أن صديقتي كانت تحبها حباً جماً. وا أسفاه! لقد كانت تحبها على الخصوص حين تسبب لها الآلة الفوتوغرافية الضيق والعصبية فتخلق تلك المشاجرات المحبوبة التي هي فتنة الحياة البوهيمية وبهجتها. ولكي تسري عن نفسها كانت تختفي في الغابة حيث كان من العسير علي أن أجدها حتى بعد مسير كيلومترات وساعات من الصياح. ذلك الصياح الذي كان يبح صوتي ثلاثة أيام. وعندما يهبط الليل كانت رفيقتي تؤدي لي من الخدمات وهي نادمة مفعمة بالحب لي أكثر من أي وقت آخر، وذلك مما كان يغمرني بالسعادة والنعيم.
وبعد أسبوع قلت لنفسي: ماذا يهم! يحب أن أذهب لأجرب آلتي في أماكن عارية مكشوفة يمكن فيها رؤية رفيقتي من بعيد عندما ترغمها الضرورة على الهرب من أجل تهدئة