(تنبيه: الكلام خيالي ولا أصل له، كما مللت أن أقول وأؤكد
في كل مرة)
- ٥ -
قالوا لي أمس في البيت:(قم ركب لنا هذه الستائر!)
فقلت:(ستائر؟؟ يا حفيظ!! يا ناس ما هذا الحال المقلوب؟. . في الشتاء نرفع الأستار، وفي الصيف الحامي نضعها لنزيد الوقدة ويعظم البلاء!؟ أما إن هذا لعجيب!)
قالوا:(بل هي تحجب الشمس التي بهت منها لون السجاجيد. . .)
قلت:(كونوا منصفين. . السجاجيد قديمة، وعسيرٌ أن نطلب من القديم البالي أن يكون له لون الجديد الطريف الزاهي. . خذوا مثلاً هذه الخادمة العجوز. . . هل كان وجهها مغضناً هكذا في صباها؟ أو كان شعرها كما هو الآن أبيض؟ وهل كانت عينها كعين الموتى - لا حياة فيها ولا معنى ولا تعبير؟)
قالوا:(دع الخادمة فإن ذنبها إليك معروف. . . لو كانت شابة لأغضيت عن كل عيب)
فاعترضت على هذا الرأي السيئ والاتهام القبيح لذوقي، ولكنهم ردوني إلى موضوع الستائر الذي أردت أن أستطرد عنه إلى حديث آخر، فقلت:(الأمر لله. . . إنما ينبغي أن تجيئوني بالأدوات اللازمة كلها. . يعني السلم والمسامير الصالحة لعمل فني دقيق كهذا. . وهاتوا أيضاً قلعاً (أي فأساً صغيرة)، فما أستطيع أن أستعمل هذا المعول الضخم، فإني كما تعلمون رجل رقيق مترف. . ثم لا بد من تمليس الحائط بعد دق المسامير فيه، وإلا بدا للعين الفاحصة متضرساً غير مستو. . .)
فلم يجبئوني بما كان من حقي أن أطالب به وأصر عليه؛ وإنما جاءوا بمطرقة كبيرة أحتاج في حملها إلى رجلين معي، ووضعوا في يدي مسامير كالتي كانت في فلك نوح. . . لا تصلح لهذا الزمن أبداً. . . ولكني كما لا يعرف القراء رجل تضحية - وما أكثر ما أتقبل بالصبر - ومن غير تعليق طويل - ما يمتحنني به الزمن الغادر. لذلك دعوت الله في