للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تعليق وتذييل حول]

مناوأة الخدر والنعاس في الأدب المصري

للأستاذ زكي طليمات

أثار صديقاي الأستاذ الكبير توفيق الحكيم والدكتور بشر فارس مسألة الكساد الذي يعانيه النتاج الأدبي في مصر وهذه مسألة الساعة على ما أعتقد، وهي شغل الخاطر منذ أن راعنا كساد سوق الأدب والأديب في هذه السنوات الأخيرة، وهي سنوات مليئة بالأحداث تغيرت معها بعض أوضاع المجتمع المصري في السياسة وفي نظام الحكم، وهي سنوات تتصف بالنشاط والحركة، وبمحاولة التخلص من جمود ران على الذهنية المصرية القومية منذ أمد بعيد، وكان من أبين مظاهر هذا الجمود ركود الأدب وانكماش ملكات الابتكار والتوليد فيه بما يتفق وروح العصر. . .

والذي أراه في هذا الصدد ويعن لي أن أبديه في هذا المقام هو أن من الحرج أن نرد أسباب هذا الكساد الذي يشمل عالم الأدب في مصر إلى الأديب وحده، وأن نتهم الكاتب المنشئ وحده بالخدر والنعاس، لأن الواقع يخالف هذا. وآية ذلك أن المطابع تطلع علينا كل يوم بالمؤلفات أو التراجم في صنوف الأدب والفن، ولا أعلم أن النتاج الأدبي في مصر بلغ من الكثرة مثل ما بلغه اليوم

فإذا كان هذا النتاج لا يقابل من الجمهور بالحماس الواجب، فلأن الفتور مفروض على كل شيء يجري في مصر، ولأن عدم الاكتراث صفة - ويا للأسف - من صفات الأكثرية الغالبة من الجمهور المصري ولا سيما فيما له علاقة بالأدب والفن. ومرد ذلك - على ما أعتقد - إلى الطبع المصري الذي لم يستكمل بعد عناصر يقظته، ولم يستخلص له ذوقاً أدبياً صريح الطابع متماسك الأطراف متقارب النزعات يشمله التناسق والتوازن

ومن ثم كان اضطراب المزاج في استيعاب الأدب وصنوفه، فإذا هو مزاج يعج بالبدوات ويخرج على شرعة الانسجام بميوله المتباينة ونزعاته الملتوية. وجمهور القراء في مصر خاضع لهذا الاضطراب، فمنهم من يعيش بميول القرون الوسطى أو بما قبلها، ومنهم من يفزع من قراءة كل جديد في الفكر والرأي، ومنهم من هو ثائر على كل قديم، ومنهم من لا يرتاح إلى القديم أو الجديد ولا يعرف ما يريد!! هذا والسواد الأعظم من هذا الجمهور

<<  <  ج:
ص:  >  >>