للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السيدة سكينة بنت الحسين]

للأستاذ سعيد الديوه جي

- ٢ -

أمها:

بينما الفارق في المسجد الجامع وحوله شيوخ المهاجرين والأنصار، إذا بشيخ مهيب يتخطى رقاب الناس حتى قام بين يدي الفاروق وحياه بتحية الخلافة، فردها عليه الخليفة وقال له: من أنت؟ قال: أنا امرؤ القيس بن عدى الكلبي. فعرفه عمر؛ وكيف لا يعرف صاحب بكر الذي أغار عليهم في يوم فج في الجاهلية؟! فقال له عمر: ماذا تريد؟ قال: أريد الإسلام. فعرضه عليه فقبله. ودعا له برمح فعقد له على من أسلم بالشام من (قضاعة) وهذا أول رجل عقد له على المسلمين بالشام ولم يصل ركعة واحدة؛ ذلك لما له من المنزلة السامية بين قومه. وأراد علي بن أبي طالب أن يزيد في شرف هذا الشيخ فنهض إليه وأخذ بثيابه وقال له: يا عم أنا علي بن أبي طالب أبن عم رسول الله صلى الله عليه وصهره، وهذان ابناي من أبنته، وقد رغبنا في صهرك فأنكحنا. سر الشيخ من هذه الساعة الميمونة التي نال فيها ما لم يكن يتوقعه؛ اهتدى بنور الإسلام، وتولى إمرة قضاعة بالشام، وهذا أبن عم الرسول وزوج أبنته يريد أن يشرفه بمصاهرته. فألتفت إلى على بن أبي طالب والفرح قد امتلأ قلبه والبشر طافح في وجهه. وقال له: (وقد أنكحتك يا علي المحياة بنت امرئ القيس. وأنكحتك يا حسين الرباب بنت امرئ القيس) وكانت الرباب من خيار النساء وأفضلهن امتازت بفصاحة لسانها ورجاحة عقلها فكان الحسين يحبها حباً جماً لما رآه من كمالها وعقلها. ولامه أخوة الحسين على هذا فقال:

لعمرك إنني لأحُب داراً ... تكون بها سكينة والرباب

أحبها وأبذل جل مالي ... وليس لعاتب عندي عتاب

فلست لهم وإن غابوا مضيعاً ... حياتي أو يغيبني التراب

كانت الرباب مع زوجها مثالاً للمرأة المسلمة الصالحة شاركته أفراحه وأتراحه ورافقته حتى في ساحة جهاده وشهدت بعينها مصرعه ورثته بقولها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>