للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حيرة. . .!]

للأستاذ عبد الرحمن صدفي

أأهرب من ذكراكِ، أم لست أهربُ؟ ... وهل من وفاءٍ أن يُجنّ المعذَّبُ؟

أأترك هذا البيت قد كان عشَّنا ... وكُنَّا به الإلفَّين والأرض مَعْشَب؟

تناغيني بالحب والكتب وحدَنا ... ويا حبذا مغناك مغنىً ومكتب

أأتركه تركَ الطريد، كآدمٍ؟ ... ويا ليت أني ذلك الزوج والأب

طريدٌ ولا حَوّاء تُبدل جنتي ... بأخرى، فحوَّائي قَضَت قبل تُنجب

أو أبْقَى أوفِّي ذكرياتكِ حقَّها ... أُحَيِّ الصبا والعلمَ فيك وأندب؟

هنا عالم الأنثى، ثيابٌ وزينةٌ ... يُكَظُّ بها تخت ويزدان مِشْجب

أرى المعطفَ الشاتي تريكاً، وطالما ... أفاض عليه الحسنَ عِطْفٌ ومِنكب

ويا رَبِّ، هذا الثوبُ حُلَّةُ سهرةٍ ... وكان عليه العزمُ لولا المغَّيب

وألمح مرآة الجميلةَ عندها ... تفانينُ حَلْيٍ: بَهْرَجٌ ومُذَهَّب

وثَمَّ قواريرٌ تضوَّع عَرْفُها ... قوارير كانت لي بها تتطّيب

هنا الطيبُ والأبراد والحَلْيُ كلُّهُ ... فأين التي كانت بها تتحبّب

إلى أين أمضي عنكَ، يا طيفَ زوجتي ... أليس إلى السلوى مجازٌ ومهرب!!

وأمضي أسرِّي من خبالي، وإنني ... لأُشفق من هذا الخبال وأعْجب

إلى شُرفتي هذي - ويا حسنَ شرفتي ... على النيل تبراً تحتها يتسبسب

كَأنْ قد خَلَتْ من مجلسٍ ضمَّ شملنا، ... وما إن خلا منكِ المكان المحبَّب

أأنسى التناجي في الأصائل عندها ... وبالأُفُق الغربيْ نارٌ تَلَهَّب

نتابع ماَء النهر ينساب حالماً ... ونحن مع الأحلام نطفو ونرسب

مناظر قد كانت، فباخ ضياؤها ... وغام عليها دمعيَ المتصبَّب

فلا حسنَ، كلُّ الحسن كان بمهجتي، ... وقد كان منك الفيضُ، فالآن ينضب

إلى أين أمضي عنك - رُحْماكِ - زوجتي ... أمنكِ إلى ذكراكِ أمضي وأذهب

وأفزع للأسفار في جوف مكتبي ... تجاورَ فيها أعجميٌّ ومُعِرب

إلىَّ جميعاً - بالتعازيم والرُّقي! ... فَبي طعنةٌ مسمومة لا تُطَبَّب

<<  <  ج:
ص:  >  >>