أفيكنَّ من جرح الحياة مَخِّدرٌ ... أفيكن أفيون، أفيكن قِنَّب؟
فما حاجتي علمٌ وشعرٌ وحكمةٌ، ... وكيف، ويومي مستطار عصبصب
وكيف، وهذا الشعر كان نشيدَنا ... وذي صفحةٌ للفن كُنّا نُقلّب
وهذي تواريخٌ، وتلك مشاهدٌ ... مررنا بها سّيان شرقٌ ومغرب
وتمتد كفّي نحو سِفْر أريده ... فترجع كالملدوغ مسَّته عقرب
فهذا كتابي، ربِّ! هذا كتابها ... قرأناه نستقضي معاً وننَّقب
مجاميع أبحاثٍ، متون تفلسفٍ ... بهن حواشيٍ، وهي ذاك المعقِّب
أيا زوجتي، قد كنت حافظ مكتبي، ... وقارئَه قبلي، ونِعْمَ المرتِّب
لمن أستجدّ الكتب في كل مطلب ... وقد كنتِ لا يعدو اهتمامَك مطلب
فكم من علومٍ كنتِ من نَهَم الحجى ... جُهَيْنَتَها، َتْرَوْين منها وأنغب
تفوقتِ تحصيلا وحسنَ إفادةٍ ... ولم تكتبي يوماً وقد كنتُ أكتب
وكنتِ ترجّين الحياةَ لتقرئي=إلى جانبي، والصِّنو للصنو يطرب
وحيدان نستوحي الدفاتر علَمها ... صموتان لا نلغو ولا نتغضّب
خلونا - وفي هذا التفرُّد أُنسُنا ... وفي صمتنا نجوى الهوى والتحبب
ويا زوجتي، كنتِ المدّبر عيشتي ... فعيشيَ أهنا العيش طرَّا وأطيب
حرصتِ على مالي، وصُنْتِ مغيَّبي ... وأخلصتِ لي في الحبّ والحبّ قُلَّب
تقومين في شأني - وثمة خادمي، ... وحُبَّ من الزوج العَروب التَعرُّب
وماليَ في الأهلين بعدك عائضٌ ... ولو قام منهم في ركابيَ موكب
وتلتاع نفسي إن تعهّد مَلْبسي ... سواك ووفّاني الذي أتطلَّب
أأشعر أني عن تعهد زوجتي ... غَنيتُ، لقد آثرتُ أني المترَّب
وما بيَ من سُخْف وما بيَ جِنَّةٌ ... ولكنه الحب الشديد المؤرَّب
خيالك يا زوجي كظِّليَ إن أَسِر، ... وإن أَبقَ تمثالٌ أمامي منصَّب
خيالك لا أقوى عليه، فأنه ... - وقد صار جزءا من حياتي - مُغَلَّب
إلى أين أمضي عنك - لا أين - زوجتي ... وما ليَ غير الموت بعدك مذهب