انطلق بادن باول ومعه زميله إدوارد سيسل لتنفيذ التدابير التي ارتأياها. فوضع كل المتدربين في خط القتال وأخذ يجمع الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين ١٢، ١٦ سنة منهم فرقة ألبسها الزي العسكري وعهد إليهم ببعض الأعمال مثل نقل البريد والمؤونة والإشارات وحراسة المخازن وغير ذلك من الأعمال التي تحتاج إلى نشاط أكثر من احتياجاتها إلى تمرين (لقد كانوا فتياناً لا يسددون الرماية، ولكنهم كانوا يركضون حولنا كالأرانب). وشرع هو ورجاله في حفر الخنادق حول المدينة لتكون بمأمن من الأعداء.
(كان لكل رجل قيمة وبما أن عددهم أخذ في النقصان شيئاً فشيئاً بسبب سقوط القتلى والجرحى، أصبحت واجبات القتال والمراقبة ليلاً أصعب من الباقين. ثم أن اللورد إدوارد سيسل رئيس أركان الحرب جمع الأولاد في المكان وجعل منهم فرقة تلامذة حربيين وألبسهم وشرع في تدريبهم وأصبحوا بعد حين جماعة لبقية منظمين، وكنا حتى ذلك الحين نستعين بعدد وافر من الرجال لحمل الأوامر والرسائل والمراقبة وأمثال ذلك. فأضحت هذه الواجبات الآن على التلامذة الحربين وذهب الرجال لتدعيم خط النار.
ولقد أدى هؤلاء الأولاد تحت رئاسة (جوديير) أعظم خدمة واستحقوا الأوسمة التي نالوها عند نهاية الحرب. كان معظم هؤلاء يحسن ركوب الدراجة، لذلك تمكنا من تأسيس بريد، استطاع الناس بواسطته إرسال الخطابات إلى رفاقهم الموجودين في مختلف القلاع أو حول المدينة دون أن يعرضوا أنفسهم لخط النار. وجعلنا لهذه الرسائل طوابع بريد رسم عليها صورة تلميذ حربي يركب دراجة.
قلت لأحد الأولاد مرة عندما جاء تحت وابل من النيران: ستصاب يوماً وأنت تركب على هذه الصورة والشرر يتطاير من كل صوب. فأجاب: سيدي إنني أنطلق سريعاً بالدراجة ولن يستطيعوا الوصول إليَّ.