للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب وطلقات المدافع]

(إلى الصديق الأستاذ علي متولي صلاح)

للشاعر الأستاذ محمد عبد الغني حسن

ما كنت أحسب أن شهوة الكلام تبلغ عند صديقي الأديب الرقيق الأستاذ على متولي صلاح حداً يحرف به الكلم عن مواضعه ويؤول قصيدتي (على طلقات المدافع) تأويلاً يبعد بها عن المعنى الذي أريدت له وقصدت به

وأنا أشكر الأخ على هذا الدرس الذي ألقاه علي في عدد الرسالة الفائت ليدني على قيمة (الأدب) وخطره ورسالته في هذا الوجود العجيب الذي نشهد فيه بأعيننا ونسمع بأبصارنا على مدى قريب صوت القوة العارمة وهي تكتسح الحق في طريقها اكتسحاً. . . ثم لا تزال بعد ذلك نتملل بالألفاظ الفارغة، ونستند إلى العبارات الجوف، واهمين أو متوهمين أن ذلك هو طريق الكفاح لبلوغ الأهداف، وبلوغ المطاف

وأشكر الأخ مرة أخرى لأنه نقل إلي في كلمته الحماسية كلمات (هازلت) في وصف الكلمات بأنها (أفعال فإذا تكلمت فقد فعلت). ونقل إلي كلمات (سارتر) بأنها - أي كلمات - أسلحة نارية مشحونة بالقذائف، وأن الإنسان إذا تكلم فقد أطلق. . ونقا إلي - فوق ذلك - كلاماً لبرناردشو، ولغير برناردشو في الموازنة بين السيف والقلم. . .

وهي موازنة أخشى أن تكون موضوعاً إنشائياً جميلاً لطلاب المدارس، تصول فيه أقلامهم النحيلة الهزيلة، وتجول حين يحلق الخيال بعيداً بعيداً، مستسلماً إلى لذائذ الأحلام، الموشاة بتفويف الكلام. . .

وهي موازنة - فوق سحر الخيال فيها - قد قال فيها أنصار منطق القوة حين نادى أبو تمام - منذ أكثر من ألف عام - برأيه المشهور:

السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب

ولا يعنيني هنا أن تكون الكتب هنا من تأليف الكرام الكاتبين، أو من وضع السادة المنجمين. . .

على أن أبا تمام لم يغفل شأن (القلم) الذي جاءنا الأستاذ على متولي صلاح بنصوص منقولة عن (هازلت) و (سارتر) و (برناردشو) ليدلنا على خطره وفتكه وشحنه بالقذائف.

<<  <  ج:
ص:  >  >>