للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من هنا وهناك]

رأي كاتب أمريكي في أدب الولايات المتحدة

قال الكاتب الأمريكي (بن لوسيان بورمان) ما ملخصه: رصدت الأدب في الولايات المتحدة منذ ١٩٢٠فوجدته ينمو ولكن إلى ضعف، ويتقدم ولكن إلى هاوية. فالسخف والسطحية والفجاجة والدعاية والمسخ حلت محل الفن والعمق والجمال والجودة. ومن النادر الأندر أن تجد قطعة فنية ترضي ذوقك وعقلك. فإن القصصي الحق يجب أن يجمع بين المخبر البارع والشاعر المصور، ولكنا لا نجد في الكثير الأغلب إلا نثراً سخيف الأسلوب ومخبراً ضعيف الملاحظة. والقصة الجيدة يجب أن تكون سمفونية؛ ولكنا لا نسمع اليوم إلا لحن (البوجي يوجي). والقارئ العابر إذا لم يجد الخيال الذي يعكس حياته، والقصص الذي يصور شعوره، انصرف إلى قصص البوليس أو إلى تراجم الأشخاص. ولعل هذا عرضاً من أعراض الشك الذي نعيش فيه من جراء هذه الحروب الثلاث التي تركت الناس بغير أمل ولا يقين. فمستوانا مبهم، وعقائدنا جامدة، وبلادنا (يريد أمريكا) سيطرت عليها البدع والهوايات. وأدبنا تقليعة من أقبح (التقاليع) لأنه لا يقوم على أساس فني متين. فهو يتجه اتجاهاً جنونياً إلى المسائل الجنسية والشؤون الحزبية، ويحرص على إنتاج الأسفار الكبيرة؛ وهذه الأسفار الكبيرة هي التي بلغت بالانحطاط الأدبي إلى مداه. واللوم كله واقع على الذين يكتبون لا على الذين ينشرون. والكتاب في أمريكا طوائف متنوعة كل طائفة تحمل نصيباً من المسئولية. فطائفة تتبع الكاتبة المسرحية المرحومة جرترود ستين بأمانة وإخلاص. وطائفة من صعاليك المجتمع الأدبي يظنون أن الدفاع عن قضية من القضايا يكفي لإنتاج عمل أدبي عظيم. ومع ذلك فإن الفن هو الفن، والدعاية هي الدعاية، ولا يستطيع أدب الصعاليك أن يكون أدباً بالمعنى الصحيح. وهناك طائفة ثالثة وهم الواقعيون الذين يلقون من أيديهم ريشة الفنان لقبضوا آلة التصوير، ناسين أن الشرط الأول لكل فن هو الانتخاب. وأنا كفنان أحتج على مبدأ: القبح للقبح.

إن د. هـ. لورنس كان عبقريا، وإن من قصصه ما بلغ حد الكمال. ولكن الذين يعالجون اليوم المسائل الجنسية كما عالج نسبة عملهم إلى عمله كنسبة مؤلف قصة بوليسية إلى أناطول فرانس مؤلف جريمة سلفستر بونار. وهناك الذين أدخلوا التحليل النفسي في القصة

<<  <  ج:
ص:  >  >>