(مهداة إلى العقاد الكبير بمناسبة مقاله (تبارك رزاق البرايا))
للأستاذ عبد المنعم خلاف
١ - لاشك أن (العقل) هو المميز والخصوصية الأولى للإنسان، فواجبه أن يثق به ويقيم حياته جميعها عليه، وهو محاسب عليه اشد الحساب. لأنه ميزان الحساب في كل شيء وهو الذي وطد الحياة الاجتماعية التي يحياها الإنسان الآن، واليه يرجع كثير مما في الحياة الإنسانية من اثر الرفاهة والسعادة والخدمة المشتركة بين الناس، فلماذا لا يصمم الإنسان على إلا يحيد عنه حتى يرتاح دائماً؟
ولماذا لا يعرف أن عقله روح من العقل الأعلى الذي يدير الكون بالتدبير والدقة والاطراد وعدم الإخلال بشيء؟
إن الغرائز يجب أن تكون ملجمة بحدوده حتى يتأنى تقدم الإنسان دائما وعدم ارتداده وانتكاسه
وعقلنا هو نتيجة تلاقي المؤثرات المختلفة التي في الطبيعة على كياننا، فيجب أن يكون تلاقي هذه المؤثرات موزونا بنسب معينة تقريباً من جميع الجهات، حتى يخرج العقل منسوقاً موزونا. . . فإذا صار لشيء من الطبيعة زيادة تأثير على ناحية من كياننا، كان في هذا اختلال لمركز التجمع الفكري العام.
ومهمة التربية والتنشئة أن توازن بين تسلط هذه المؤثرات الطبيعية جميعها على الإنسان، فلا تجعل مؤثرا أو عددا من المؤثرات يطغي أو يستأثر بالتسلط عليه، بينما المؤثرات الأخرى تكون معطلة
فأنسأن الصحراء وحدها قد خضع لمؤثراتها وحدها، فله عقل معين؛ وإنسان المزارع وحدها متأثر بها وحدها، فله عقل آخر. وإنسان المدن الصناعية له عقل ثالث. وهلم جرا
وإنسان الفن وحده له عقل معين، وإنسان العلم وحده له عقل آخر، وإنسان الأعمال