حمار الحكيم، لين الطبع هادئ التأمل، يمر خفيفاً على هامات التاريخ، يقتطف شيئاً من الدقائق القصصية مثل مشاهدة في حادثة الطوفان. . . ويأبى الحكيم إلا أن يكون صادقاً في تأملاته.
فإذا نشط الحمار وتطاول إلى الاشتراك في (الدعاية) وتعرض (لهتلر ثم موسيليني) وانغمس في جحيم الحرب، والخواطر التي تدور مع رحاها الطحون، انقلت الحمار وصاحبه إلى الأساطير الشرقية، فأرسل بشهر زاد إلى الغرب تتهادى هنالك. ولا لوم على الحكيم الذي أبى إلا أن يحلم عن الحرب، وإلا أن يعيش في أحلامه المفتنة وآرائه عن المرأة وأفكاره في السياسة التي تجد وتجمل في عين السياسي ورجل الاجتماع مثل (حماري ومؤتمر الصلح)
ومع خفة الآراء وطرافة موضوعها تطالعك شخصية الحكيم ص٤٨ في حزب الحمار. . .
(الحمار: ألست معي؟
الحكيم: أبداً أبداً. . . ما الذي صنعناه إذن؟
الحمار: ماذا كنت تريد أن تصنع أكثر من ذلك؟
الحكيم: أشخاص ومكان وناد، إني يا سيدي - كما تعلم - لا أعرف لعب الطاولة ولا الشطرنج. ولست ساحر الحديث، ولا ظريف المجلس، ولا أحب أن أكون من ذوي الجاه، كل ما عندي قلم لا أرضى أن أسخره في هدم الأشخاص لمجرد الهدم ولا أن أستخدمه في بناء أشخاص طمعاً في الغنم. . . الخ)
هذه هي أنفاس الحكيم، وتلك آراؤه الهادئة العابرة، التي لا يريد صاحبها أن يأخذ فيها بخناق أحد، ولا يرقب شيئاً إلا الإخلاص لفنه والصداقة لحماره الذي غلب كما غلب هو على أمره أيضاً.
وقد أرانا توفيق صوراً من ظلال العاطفة المحرومة الخائفة من المرأة في أحلامه وآرائه (حماري والطالبة) وأبدع وتخابث وأسرف في الصدق حين صور (العقاد) في خوف وحذر