نعى البرق في ٢ مارس الجاري شاعر إيطاليا العظيم جبرييل ' ٧٥ سنة مليئة حافلة، وبعد حياة مشكورة موفورة. . . وقد ولد الشاعر سنة ١٨٦٣، وظهر أول دواوينه سنة ١٨٨٠، أي في سنة السابعة عشرة، ثم والي نشر أشعاره بعد ذلك فدل على حيوية دائبة ونبوغ عظيم. وقد كان دانونزيو مولعاً بمواطنه الكبير كاردوتشي الذي يطلق عليه الإيطاليون (أبا الشعر) وأبا الأدب الإيطالي الحديث، ولذا فقارئ دانونزيو يحس تأثره في كثير من الأحيان بكاردوتشي ولا سيما في قصيدته الطويلة (أنشودة للشيطان) التي ثار فيها على المسيحية وعزا إليها انحطاط إيطاليا وتأخرها بعد أن كانت سيدة العالم في ومن الرومان. . . على أن دانونزيو مزيج عجيب من الإغريق واللاتين والفرنسيين والإنجليز، وقد ترك فيه كل من هؤلاء أثراً كبيراً كان يطفو بأدبه على عباب آدابهم الزاخرة، ومع ذاك فقد كانت له شخصيته القوية المستقلة. . . وكثير من نقاد الآداب يخالفون الإيطاليين في نسبة نهضة الدب والشعر في إيطاليا إلى كاردوتشي، فينسبونها إلى دانونزيو. . . وهذا حق. . . فقد أدخل دانونزيو على الشعر الإيطالي كثيراً من صنوف التجديد استعارها له من الشعرين الإنجليزي والفرنسي، واستطاع أن يلفت إليها مواطنيه، بل أن يفتنهم بها. . . وكان يتوسل إلى ذلك بالأغاني، حتى إذا استساغوها أنشأ ينظم لهم الأقاصيص الغنائية فاقبلوا عليها إقبالاً شديداً
والميزة التي يتفرد بها دانونزيو على جميع شعراء العصر الحاضر هي قدرته القوية على الوصف. وفي قصة (الرسالة) التي نشرت في الأسبوع الماضي دليل على ذلك وإن تكن أقصوصة صغيرة. ودانونزيو يصف الوصف البارع ثم يضفي على وصفه أزهى ألوان الطبيعة، وهو هنا مصور دقيق يربط اللون بالضوء ربطاً عجيباً. . . وقد يشغله ذلك عن القصة نفسها، ولذلك يضيق به بعض قرائه في حين يفتتن به بعضهم افتتاناً يخرج بهم إلى حد الغرام. . . وأستاذ دانونزيو في تلوين أشعاره على هذا النحو هو الشاعر الإنجليزي كيتس
وقد كان دانونزيو مولعاً بالأسلوب الجزل والعبارة الفخمة، وكانت له قدرة مدهشة على