شاعر. . . كلمة أقولها بكل ما يحويه مدلولها من معان يدخل فيها الطبع، والموهبة، وسعة الأفق، وقدرة الجناحين على التحليق؛ أقولها أنا عن صاحب هذا الديوان حين يطلقها غيري على كل ناظم، وكل ناحت، وكل مصنوع.
قرأت له أكثر ما قال من شعر إن لم يكن كل ما قال، وفي هذه الفترة الطويلة بين إنتاجه الأخير لم يتغير رأيي فيه. . لقد ظل على مستواه من الشاعرية التي صقلها الطبع وشحذها التأمل، وغذاها الخيال؟، ونحن حين نقرر هذا كله، تقرره بميزان الوعي الفني؛ الوعي الذي تعينه مقاييس الذوق والفن على تحديد الأوضاع والقيم.
ولا بد من وقفة قصيرة عند تلك الكلمة التي قدم بها الشاعر لديوانه، وعرض فيها للشعر العربي الحديث في شتى فنونه وألوانه وكيف تعددت هذه الفنون والألوان على أيدي أصحابها من الناظمين والشعراء.
وكيف تباينت مصائرها تبعاً لما ينال المعادن الشعرية زيف في الفن أو أصالة؛ وقفة قصيرة لأقول للشاعر إنني كنت أود ألا تظهر تلك الكلمة كمقدمة لديوانه، حتى لا يتهمه النقاد بأنه، اكتبها إلا تزكية لشعره وانتصافاً لنفسه. . . على الأستاذ محمود حسن إسماعيل أن يقدم لنا شعره لنحكم له أو عليه، ولا يحق له بعد ذلك أن يقيم الميزان لنفسه ولغيره في الوقت الذي يقدم فيه إلى النقاد عملاً من أعماله الفنية!
هذه لفتة أسجلها قبل أن أمضي في عرض شعره، وقبل أن أقول إننا نعاني تخمة في الشعر وأزمة في الشعور. . . إن نظرة واحدة إلى ما تخرجه المطبعة من دواوين الشعر في هذهالأيام؟، تنتهي بك إلى الإيمان بهذا الحكم؛ الأيمان به كحقيقة ملموسة، ونظرة فيها التذوق والتمعن تسلمك إلى حقيقة أخرى هي أنك لو رحت تبحث وسط هذه التخمة الشعرية عن آثار أدبية ترضي الفن حين تحفل بصدق الشعور، لما وجدت غير ثلاثة