كانت الدعوة إلى الدستور قد قويت ودوت في أوائل هذا القرن، وزعيمها مصطفى كامل باشا وكان مصطفى لا يفتأ يدعو إلى الجلاء والى الدستور لأنه وسيلة الحكم الصالح، فقد كتب في اللواء في ٥ أكتوبر سنة ١٩٠٠ مقالاً بعنوان (الحكومة والأمة في مصر) ذكر فيه وعد لورد دوفرين باسم حكومته أن يؤسس في مصر مجلس نيابي، وإخلاف الحكومة البريطانية وعدها كإخلافها وعود جلائها
ودعا إلى الدستور في خطبته في العيد المئوي لمحمد على يوم ٢١ مايو سنة ١٩٠٢، ومما قاله:(أين ذلك الدستور الذي يلجم الحكومة بلجام من حديد، ويهب الأمة حرية الرأي والفكر وحق المراقبة على أعمال الحكام وسن القوانين والشرائع ومناقشة الوزارة عن الصغائر والكبائر. . .
لعمري إن ما يسميه المحتلون وأنصارهم بالدستور لهو الفوضى في لباس النظام، والاحتلال في قالب الاحتلال، وإلا فأين الضمانة التي تطمئن لها القلوب والخواطر؟ أين مجلس النواب المصري الذي يقف في وجه كل طامع ويرد كل ظالم؟ أين ذلك المجلس الذي وعدت به بريطانيا على لسان اللورد دوفرين؟)
وقد كان لخطبته دوي في مصر، وأثر في المقيمين بها من الأوربيين، وكانت من أعظم دروسه الوطنية، وعلقت عليها الأهرام بقلم الشاعر الكبير خليل مطران بك، والبصير، وجريدة الفارد الكسندري تعليقاً يشف منه الإعجاب والحماسة
ولشوقي بمصطفى كامل صلات، فقد كان من كتاب اللواء، ومن أصدق أصدقاء الزعيم الشاب وأعظمهم إعجاباً به، وكان مصطفى يبادله الحب والإعجاب، فقد وصف شعره بأنه الغدير الصافي في ألفاف الغاب يسقي الأرض ولا يبصره الناظرون، وخصص لقصائده أسمى مكان في اللواء، وفي ذلك يقول شوقي: