للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الحديث المحمدي]

للأستاذ محمود أبو رية

ضرر رواية الحديث بالمعنى للدين:

لما كانت أحاديث النبي (ص) قد جاء نقلها بالمعنى - كما بينا من قبل - وأنهم قد أباحوا لرواتها أن يزيدوا فيها، ويختصروا منها، وأن يقوموا ويؤخروا في ألفاظها - بله ما صوغوه من قبول الملحون منها - لما كان الأمر قد جرى على ذلك، فقد نشأ منه ولا جرم - وبخاصة بسبب نقل الحديث بالمعنى - ضرر عظيم قال العلامة الجزائري في توجيه النظر.

(بعد البحث والتتبع تبين أن كثيراً ممن روى بالمعنى قد قصر في الأداء، ولذلك قال بعضهم: ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن، ممن يظن أنه يحسن، كما وقع لكثير من الرواة قديماً وحديثاً. وقد نشأ عن الرواية بالمعنى ضرر عظيم حتى عد من جملة أسباب اختلاف الأمة. قال بعض المؤلفين في ذلك في مقدمة كتابه: إن الخلاف قد عرض للأمة من ثمانية أوجه، وجميع وجوه الخلاف متولدة منها ومتفرعة عنها (الأول) منها اشتراك الألفاظ واحتمالها للتأويلات الكثيرة (الثاني) الحقيقة والمجاز (الثالث) الإفراد والتركيب (الرابع) الخصوص والعموم (الخامس) الرواية والنقل (السادس) الاجتهاد فيما لا نص فيه (السابع) الناسخ والمنسوخ (الثامن) الإباحة والتوسيع. وقال في باب الخلاف العرض من جهة الرواية والنقل: هذا الباب لا تتم الفائدة التي قصدناها منه إلا بمعرفة العلل التي تعرض للحديث فتحيل معناه، فربما أوهمت فيه معارضة بعض لبعض وربما ولدت فيه إشكالاً يحوج العلماء إلى طلب التأويل البعيد، فاعلم أن الحديث المأثور عن رسول الله (ص) وعن أصحابه والتابعين لهم، تعرض له ثماني علل، أولها فساد الإسناد، والثانية من جهة نقل الحديث على معناه دون لفظه، والثالثة من الجهل بالإعراب، والرابعة من جهة التصحيف، والخامسة من جهة إسقاط شئ من الحديث لا يتم المعنى إلا به، والسادسة أن ينقل المحدث الحديث ويغفل السبب الموجب له، أو بسط الأمر الذي جر ذكره، والسابعة أن يسمع المحدث بعض الحديث ويفوته سماع بعضه، والثامنة نقل الحديث من الصحف دون لقاء الشيوخ.

<<  <  ج:
ص:  >  >>