وهناك عمل جبار ينتظر الأزهر. . هناك تنمية التشريع الإسلامي الذي وقف ألف عام، ليساير حاجات الحياة كافة ميادين الحياة: في العقوبات والمعاملات، في التجارة والملاحة، في السياسة والحكم، في علاقات الأفراد والجماعات وهناك إعادة كتابة التاريخ - التاريخ الذي نتلقفه من أفواه أجنبية، مصوغا في ظل فلسفات تناقض فكرة الإسلام عن الحياة - لنكتبه من زاوية النظر الإسلامية إلى الحياة وإلى الحوادث، وإلى القوى التي تعمل في ظاهر الكون وباطنه على السواء.
وهناك اللغة العربية وآدابها وتراثها، مدروسة بعقلية إسلامية، مسلطاً عليها ضوء الفكرة الإسلامية. وما من شك في أننا نتلقى هذه الدراسات اليوم من أيدي المستشرقين، متأثرة - لا أقول بكيد المستشرقين للإسلام - ولكن على أقل تقدير البشرية، وتأثيراتهم الخاصة ببيئات لا يتفق جوها مع جو الإسلام.
إن الحياة الإنسانية وعرة، وإن الإنسان ليعيش بمجموعة نفسه وكيانه، فلا يمكن فصل فلسفته الفكرية عن مشاعره، ولا يمكن فصل شعوره عن سلوكه، ولا يمكن فصل يلوكه عما توحي به الثقافات والأحداث.
وحين نريد أن يكون لنا وجود مستقل يشعر به الآخرون يجب أن تكون لنا فكرة خاصة عن الحياة، ونظم مستمدة من هذه الفكرة، وثقافات تنبع منها وتنميها. ولن يكون معنى هذا هو العزلة الفكرية والثقافة؛ ولكن سيكون معناه أن تكون لنا بيئة حية تنتفع بالغذاء والشراب من كل حقل ومن كل ينبوع، وألا نكون جثة ميتة موشاة بالرقع من جميع الألوان والشياط!
ترى يعرف الأزهر واجبه، وينهض برسالته؟
إن أملي كبير لا في الجيل الذي شاخ في الأزهر، ولكن في جيل الشباب.