[رسالة الشعر]
بين بغداد وباريس
للأستاذ عبد القادر رشيد الناصري
أنا مالي أضعت حتى رشادي ... أقليل علي هجر بلادي
يا بلادي التي أراها بعيني ... منهلاً سائغاً إلى الوراد
الثلاثون عشتها في مغانيك ... كطير في مكمن الصياد
حاملأ في يدي جراح الليالي ... وعلى منكبي عبء الجهاد
وعلى جبهتي المدماة تابوت ... حياة وشيكة الميعاد
متعباً أقطع الحياة غريباً ... غربة الحق في حمى الاضطهاد
الطريق الممل والشوك والصخر، ... ووقع السياط والأصفاد
والأفاعي تفح حولي، وفوقي ... أحمر الحد، خنجر الجلاد
أنا وحدي وليس لي من سمير ... غير شعر به أذبت فؤادي
فإذا ما ظمئت فالدمع ريي ... وإذا جعت فالأماني زادي
الثلاثون، بالتلهف والحرمان ... ضاعت، وبالأسى والحداد
وهي صفو الشباب، ريحانة الع ... مر، وعطر من الصبى المياد
أفليس الرحيل عن موطن الظلم ... سبيلاً يقود للإسعاد
شر ما في الديار أن يزهق الفكر ... وأن تخنق القلوب الشوادي
ويذل الأحرار من مصلح فذ ... ومن حامل سراج الرشاد
كي تظل الجموع محنية الظهر ... لتعلو مقاصر الأوغاد
وصلاح البلاد لا يتأتى ... باضطهاد الكتاب والنقاد
يا لهول الفراق أي جحيم ... أتلظى به وكيف أبترادي
قيل (باريس) قلت أشهى لروحي ... باسقات النخيل في (بغداد)
أين من إذا وقفت على (الس ... ين) وأرسلت نظري لبلادي
وتذكرت (دجلة) وهي تنس ... اب كما أنساب أرقم في الوهاد
وعلى صدرها الزوارق تهفو ... كنسيم هنا على الأوراد